الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

صفد....
الكاتب: عزة محمود العزة
ركض الشباب يحملون علي... وهو بنزف دما والما ،مرورا بجانب القلعة القديمة ،وبرج الحمام الزاجل وصولا الى بيت فاطمة الصفدية ،وهي العارفة بالطب الشعبي . فيما المدافع تمطر المدينة موتا وخرابا....... نظرت فاطمة الى المقاتل الجريح وقالت ،هل سنغادر صفد ،هل سنترك كروم التفاح والعنب والتين وقبور امهاتنا.... ،قال علي : هل انت خائفة ؟ فاطمة :اني اخاف من غد وما الذي سيحل بنا ،اين نذهب وماذا سنأكل ،وماذا سنحصد ،وأين نحزن.... وأين نفرح .... وماذا ....وماذا... واين .

صمتت فاطمة وامسكت بالحمام ، وبدأت تكتب الرسائل وتلقيها للحمام ،وفتحت باب القفص وطيرت الحمام من البرج وهي تقول :هذا الحمام من بقايا صفد حين كانت مركزا تجاريا ومركز بريد ،منذ صلاح الدين وصرخت بصوت هستيري :( لا بد من وصول النجده). ثم اجهشها البكاء فجلست على الارض وهي تتمتم لقد مات ابي وهو يوصيني بالارض . ماذا سأقول له في الاخرة !! أضعتها .... ،كان يقول ان أرض صفد بكرية كل عام تعطيك وتعطيك (هيك الله خلقها).

فخاطبها علي الجريح ، لقد احتلوا جبل الجرمق وجبل كنعان وجبل ميرون والسوق وحي العين وهم يدخلون المدينة الان من الحي اليهودي. ارتعبت فاطمة ، واقترب صوت القصف ،وهدير اصوات المهاجرين من القرية ، عويل وبكاء وصرخ . حملت فاطمة علي بجروحه ،ومشت مرورا بالجامع الاحمر وزاية الشيخ العثماني وحي القصبة ، وهامت به مع الناس الهائمين على وجوههم ، لاتدري كيف وجدت نفسها في درعا السورية ،تجلس في خيمة صغيرة مع علي وجروحه والنكبة الفلسطينية.

جروح علي لا زالت تنزف ،بحثت فاطمة عن اعشاب فلسطين التي كانت تعالج بها فلم تجدها ،وهي تبحث تذكرت انها مع علي في نفس الخيمة ولاعلاقة تربطها به ،اسرعت واحضرت الشيخ وعقدت قرانها على علي ،نظر الشيخ الى علي وهو بين الحياه والموت فقال لها ، ابنتي ان زوجك يحتاج للدعاء الكثير.

سرت فاطمة الصفدية الى قبر صلاح الدين للدعاء لزوجها ...وهي تصلي ،حط على رأسها زوج حمام عرفت فاطمة الحمام انه من حمامها الذي ارسلته للنجدة ، حملته و عادت مسرعة ، وهي تفكر كيف ستذبح الحمام ، فتجد في جوفها بقايا أعشاب صفد ، فتصنع المرهم الشافي ، وبقايا قمح صفد فتزرع سهول درعا وتربي سرب حمام يظلل فلسطين والشام ، وتعيش مع علي حتى العودة ....، وصلت البيت فوجدت علي قد فارق الحياة . وعاشت فاطمة أرملة بكرية تنتظر العودة وحدها.