الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

الحاضنة الشعبية والتضامن الشعبي اكبر انجاز للانتفاضة الحالية 

قصة حدثت ...
..دخلت الى مستشفى رام الله قسم الطوارئ مسرعا وحالة من الذهول تصيبني بعد ركض نصف ساعة لكي اطمئن على ابن عمي الذي اصيب في المظاهرات داخل جامعة ألقدس ابوديس. لأجده على سرير الطوارئ وخلف رأسه بقعة دماء كبيرة وبعض الاسلاك معلقة على صدره. فقد اصيب برصاصتين احداها في الرأس والأخرى في الصدر وقد كانت حالته مستقرة وفي تحسن جيد حسب الطبيب .فقد تنفست قليلا لأبدأ في التوتر من المهمة الاصعب وهي تبليغ والدته !!

ما هي إلا دقائق حتى دخل علي رجل صنديد يسألني بتوتر شديد وحيرة ظاهرة على وجهه وفي عيونه عن صحة ابن عمي وهذا ما لفت انتباهي بما اننا لسنا من رام الله ؟ فقلت له انه بخير وفي تحسن ولكن هل انت تعرفه ؟فقال لي . لا انا لا اعرفه ولكني علمت انه  من بيت لحم وانه مصاب في المواجهات ... فشكرته على سؤاله وانسحب.

دقائق حتى عاد , وحينها سألته عن سبب وجوده في الطوارئ .فقال لي انا من قرية قطنة/ القدس واليوم ودعنا شهيدين في قريتنا وبعد ذلك اندلعت المواجهات مع الاحتلال وقد اصيب ابني برصاصه في الراس وهو يعاني من نزيف وكسر في الجمجمة ومازال في غرف العمليات لا نعرف وضعه حتى الان. وقد تمنيت لابنه الشفاء وله الصبر والتحمل.

وقبل ان يغادر هذا الرجل قال لي : هنا مفتاح منزلنا في القرية خذه , فانتم من خارج رام الله ولا يمكن لكم ان تعودوا بسبب الحواجز ومعكم مصاب . لذلك هنا منزلنا مفتوح لكم وفي الخارج سيارة لأقاربي سوف توصلكم للبيت وتقضوا الليلة وغدا تغادروا في النهار.

فقلت له شكرا لك على هذا الموقف الرائع . فأجابني ان هذا ليس حديث للمجاملة انما هذا اقل ما نقدم للمصابين وللشبان الابطال فانتم هنا في بلدك وبين اهلكم. وأصر ان يعطيني مفتاح منزلهم, وهوا المتألم والذي ينتظر أي خبر عن ابنه. وحالة الخطر مازالت تهدد حيات ابنه ولكنه اصر ان يجمع قواه ويقدم ما يمكن له ان يقدمه.

كان هذا اهم المواقف التي اوقفتني .. فهذه الشيم الرائعة في وطننا وبين ابناء شعبنا تاريخيا موجودة ومتأصلة .. ولكننا نراها وتخرج الينا في الاوقات الشعبة وفي لحظات الاشتباك الطويل مع الاحتلال.

وهنا نلمس اول واهم انجازات الهبة الشعبية وهي التضامن الشعبي والحاضنة الشعبية التي يجب علينا ان نستثمرها جيدا ونوثق فصولها جيدا لنقلها للأجيال القادمة وأيضا من المهم ان نعلم ان الحاضنة الشعبية جاهزة لاحتضان انتفاضة شعبية وحماية ظهر المقاومة .



السبت، 19 سبتمبر 2015


افلت كلابك في الشوار..واقفل زنازينك علينا...اسأل علينا في المواجع ..وعرفنا مين سبب جراحنا ....

رامز العزة 14عام ونصف
الفتى الذي اعتدى عليه مجموعة من اجهزة السلطة الفلسطينية في بيت لحم يوم الجمعة 18/9/2015 في جمعة نصرة المسجد الاقصى وقد تم الاعتداء على اهالي مخيم العزة من نساء واطفال ورجال واغراق المخيم بقنابل الغاز الامريكي الصنع.
لم يعلم سكان المخيم في يوم الجمعة ان الغاز واصوات اطلاق النار قد كانت من قبل اجهزة السلطة "الوطنية" فكما العادة دال المخيم عندما يسمع صوت الرصاص يخرج سكان المخيم وبايديهم بعض البصل والمياه ويفتحون الابواب وذلك لمساعدة اطفال الحجارة الذين يتصدون لقوات الاحتلال دائما فقد تفتح باب منزلك في المخيم فتجد شبلا قد اصيب او رجلا اعماه الغاز فتنقذه وتساعده او حتى تدخله المنزل لتمنع الاحتلال من اعتقاله , هكذا برنامج العمل داخل مخيم العزة للاجئين الذي يقع على خط التماس مع الاحتلال ولا يبعد سوى امتار عن معسكر للجيش الاسرائيلي .
ولكن هذه المرة لم يكن المشهد متجانسا فقد خرج ابو قيس لينقذ زوجته المريضه من بين الهراوات التي تنهال عليها ولم يتمكن محمد من انقاذ ابنه الصغير من رصاصة في قدمه ولم يسعف ام محمود أي استغاثة حتى وهي تقول لهم انا اخت الشهيد البطل ولم يكترث حامل العصى والبندقية ان هذا الرجل الذي تسمر في مكانه هوا نفسه الذي ودع ابنه الوحيد شهيدا منذ فترة قريبه ...
خرجت ام انس لتلحق ابنها الصغير رامز الذي وقع بين عصي رجالات السلطة المدرعين ..لم يستمع لها احد وهي التي نادت على ابنها رامز بخالد وهو اسم اخيها الشهيد الذي ارتقى قبل اعوام ..فقد التبست عليها الامور فلم تميز صوت الجنود هل كان عربي ام عبري قالت انتظر لا فرق بين الرايتين ...
في المخيم نعيش بين رصاصتين كما قال غسان كنفاني ..كنا نعلم جهة الرصاصة الاولى ولكن الرصاصة الثانية كانت مؤلمة فقد ادت الى وقوع طفل في وسط المخيم يستنجد من ينقذه ولا يعلم من اين هي الرصاصة التي وصلته او انه يعلم تماما ان الرصاص دائما يصلنا من الاحتلال ولكن نحن نعلم ان الاحتلال عندما يدخل المخيم فهوا لن يخرج سالما .ولكن صوت هذا الرصاص مختلف ..لم يكن رامز الطفل يسمع صوت الاستغاثات فقد كانت العصي تنهال عليه من كل طرف لم يساعده جسمه النحيل من ان يهرب من بينهم فقد كانوا وحوش لا تعرف الرحمة ويطبقون ما تعلموه
فقد تم سحب الطفل ليضعوه في سيارة الشرطة فوق رفيقه الفتى الاخر الذي كان قد فقد الوعي او دخل في لحظة الوعي واللاوعي من شدة الضرب . الفتى الاخر "حمامرة" لم يشفع له ان والده منذ زمن طويل يعمل في مركب الشرطة.. وبعد نقل كومة من الاشبال الى مركز الشرطة يخرج منهم اصوات الاهات ..نقلوا الى المستشفيات ليلا وقد اعتذر مدير الامن الى والد الفتى حمامرة على هذه التصرفات التي هي تجاوز وتصرفات فردية او جماعية بشكل فردي . ولكن لم يعتذر أي شخص لرامز الطفل ابن المخيم وذلك لان والد رامز غير موجود فقد توفي نتيجة قهر العيش في المخيم ولم يعلم ان وفاته وقبره سيكونوا خارج قريته التي هجر منها " بيت جبرين"
في المخيم الحياة مختلفة والقوانين مختلفة .. في المخيم عندما تنام المدن الكبيرة ينهض المخيم فهو الذي يقف في مواجهة قوات الاحتلال خلال الاقتحامات الليلية للمنطقة .. وان اهم قوانيين المخيم انه لا ضرر في ان تسقط اثناء المعركة ولن يلموك شخص.. ولكن الاهم هو ماذا ستفعل عندما تنهض من المعركة واقفا بعد السقوط .

فارس فارس



الثلاثاء، 10 مارس 2015

في ذكرى الشهداء
الشهيد ساجي درويش ترجل الفارس 

شقيقة الشهيد ساجي درويش / ليالي درويش 
اذا كنتُ اكتب الان وأنت تقرأ فأعلم أني صدقتهم، لا تغضب مني فكل شيء يحصل رغماً عني، أنتظرتك تأتيني مبتسماً لتُكذب ابتسامتك كل ما قالوه ولكنك لم تأتي بعد ولم أراك، سأكتب الان وإذا ما جئتني حلماً سأمزق كل هذا الهراء وأحضنك طويلاً، أنا أحبك كثيراً..أنت تعلم ذلك؟
هراءٌ أن أكتب لك، الحروف سخيفة وغريبة، ماذا تفعل اللغة امام المشاعر؟ لا شيء! ماذا يعني حرف القاف اذا كتبت لك "اشتقت لك"؟ لا شيء! ماذا يعني ان أبدل كلمة مكان اخرى لتشبهك أكثر؟ لا شيء!
كافرةٌ هي اللغة لا تعرف كيف تقول شيئاً صغيراً جداً مما في القلب!
وكأني مشوشة! كلماتي ثقيلة حين أكتبها وإذا قرأتها مجددا لا أحبها وأشعرها تسري بروحي ببطء وتتلاشى قبل ان تصلك! هل تقرأ معي أم أنك مشغول في شيء ما؟




غريبٌ هو الموت يا أخي! كيف يكون لهذا الكائن البشع كل هذا الذوق الرفيع في اختيار ضيوفه؟ عندما اخبروني أنه أختارك -وهم كاذبون- قلت لا..ساجي أجمل من أن يرحل مبكراً! وكلما حاولت أن اقنع نفسي بما قالوه مرغمةً، أتسأل: هل كنت أجمل من أن تظل طويلاً في هذا العالم البشع؟ ولذلك رحلت؟ انا أحبك كثيراً..أنت تعلم ذلك؟
في هذه الايام أنا لا أستطيع أن أقول اسمك الذي طالما أحببت؟ أجده يُبكيني قبل أن ألفظه وأختنق به وبك وبذكرياتنا، ولكني كتبته الان، هل هذا صحيح؟ رأيت يا أخي كيف أن هذه اللغة كافرة لا تدرك شيئاً من أرواحنا ولا تفهم أوجاعنا مهما حاولت؟
أنت تعرف أنك مدينٌ لي بوقتٍ نقضيه معاً! هذا دينٌ لا أسامحك فيه، لي نصيبٌ من كل شيء فيك لم أخذه بعد. شيءٌ منك لم يكتمل بداخلي وروحي تطلبه وأنت لا تجيب..لماذا؟ هل أنت غاضبٌ مني لآني لم أودعك عندما سافرت؟ لقد قلتُ لك أن روحي لا تقوى على وداعك، وكنت سأعوضك بالكثير من الأحضان والقُبل والضحكات عندما ألقاك! أمّا أنت فقد ألغيت لقاءنا الذي كنت انتظره! عاتبة عليك كثيراً وعاتبة على الله قليلاً، الله يعلم ما كنتُ أنوي ويعلم ما كنتَ تنوي ويعلم ان أشهرا بيننا فلماذا لم يجعلها تتلاشى لنكون معاً! لماذا؟
الجو باردٌ هنا المطر يضرب الارض ويبللها بشدة وأنا خائفة أن يصلك شيءٌ من هذا المطر وتبرد، هل أنت دافىءٌ حيث أنت؟ هل المكان مريح؟ هل هو مظلمٌ أم منير؟ ربما كان مظلماً قبل أن تسكنه أنت وعندما جئت جلبت النور، أعني أن لك ابتسامة تجلب كل شيء فلن يصعب عليها أن تجلب نوراً لمكان مظلم، ولكنك سلبت النور من روحي عندما رحلت، ليس مهماً ما أشعر به أنا، المهم أنت، هل أنت بخيرٍ حيث انت؟
أنت تعرف أن لا عزاء في غيابك ولا شيء يستطيع أن يختصر الالم، ومهما كان الموت الذي خطفك عظيماً تظل هذه الحياة الغبية وأيامها البسيطة أحب الى قلبي اذا كنت أنت فيها، أرى نفسي أنانية وذاتي تحاصرني بحيث لا أفكر إلا بما أريد أنا، ولكن أنت، ماذا تريد؟ كنت تريد ذلك أنا أعلم وكنت شجاعاً بما يكفي لتفعله أعلم ذلك أيضاً. ولكن كل شيءٍ كان سريعاً وأنا لم أكن عندك وهذا يوجعني ويجعلني عالقةً في لحظة كنا فيها معاً نضحك وأريدها أن تكون هي الوحيدة والأخيرة بحيث يكون موتك كذبة، أنت تفهمني أليس كذلك؟
قالوا لي أني اذا رأيت صور -موتك- وقرأت الكلمات سأكون أفضل، قالوا أنك كنت مبتسماً وأنت ترحل، هل هذا صحيح؟ قالوا أنك خلقت وطناً جديداً في قلب كل من رأك وودعك، وقالوا ان كل شيءٍ كان عظيماً وكبيراً، أنا لا يهمني ذلك وانت أيضاً لا يهمك، لقد كنت عظيما في الخفاء خجولاً في العلن لا تتحدث عن أشياء رائعة تفعلها، وعندما كنا نعرف عنها من غيرك ونسألك أن تحدثنا عنها كنت تبتسم وتغير الموضوع وتقول ان لا شيء مهم. أنت لا تحب الضجيج ولا المديح كنت تراهما سواء، أنت هادىءٌ.. أنت ساجي!
أنت مدينٌ لي ولنا ولأمي بالوقت، ونحن مدينون لك بكل شيء! لك نصيبٌ من كل شيءٍ سيأتي، من ضحكاتنا ومن صورنا ومن الطعام الذي تحب، كيف نوفيك ذلك؟ كيف نعطيك نصيبك من الأشياء؟ هل سنترك لك طبقاً على الطاولة؟ أم سنتعطر بعطرك قبل أن نأخذ صورة؟ أم سنحدثك في جلساتنا ونناديك كأنك لم ترحل يوما!
أقتربتُ من النهاية وأنت لم تقل شيئاً بعد، هل هم صادقون إذاً؟ أم أنك مشغول؟ أو أن ما كتبتُ غير مفهوم؟ نعم كلماتي غريبةٌ اليوم، سأكتب لك ثانيةً اذا ولكن الأحرف أثقلت روحي الأن وتعبت. أنا أحبك كثيراً..أريدك أن لا تنسى ذلك كل يوم لا نرى بعضنا فيه، وعندما أراك سأخبرك بذلك وأنا احضنك للأبد!
 ليالي درويش / شقيقة الشهيد