الخميس، 6 ديسمبر 2012

امير مخول:في ذكرى فرانز فانون



في ذكرى فرانز فانون وفي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني
نَستَلهِم من "معذبو الأرض" لإنهاء عذاب فلسطين
أمير مخول*
إحدى السمات البارزة والى حد ما، المهيمنة لدى النخب السياسية والاكاديمية، في استعراض الخطاب الفلسطيني، هي الاكثار من الاستعارة بتجارب جنوب افريقيا وايرلندا، وفيما يخص فلسطيني الـ 48 تضاف اليهما تجربة مقاطعة كويبك في كندا في اشارة الى حقوق "الاقليات".
ومن دون شك، فان التجارب المذكورة هي محورية في حراك الشعوب والحراك العالمي المساند. كما ان تجربة اسقاط نظام الفصل العنصري (الابارتهايد) في جنوب افريقيا تعتبر من ابرز التجارب في العقود الاخيرة ومن اكثرها الهاما للشعوب وبالذات للشعب الفلسطيني. ويعزز هذا المنحى  في كون نظام الابارتهايد كان الحليف الاقرب لاسرائيل.
ان هذه المقارنة هي بحد ذاتها مهمة، وهي مفيدة بقدر ما يحسن الفلسطينيون استخدامها واستخلاص العبر منها في الكفاح الفلسطيني لكن دون التمترس بها والتشبه الى نموذج واحد.
وفي هذه المقالة لا اسعى للخوض في صلب التجارب المذكورة، وانما السعي لادراك ما يقف وراء مسلك النخب الفلسطينية في هذا الصدد مستلهما من فرانس فانون.
هناك ميزة اخرى تتقاطع مع السابقتين وهي انه كلما تعاملنا مع القضية الفلسطينية بشكل مجزأ ومختزل، تزداد الحاجة للتبرير "المنطقي" للاستعانة بالضرورة بتجارب أخرى في تشخيص الحالة الفلسطينية. والميزة المكملة هنا، هي انه كلما تراجع النضال الفلسطيني التحرري الشامل او تجزأ أو تشتت، فانه يتسارع التفتيش عن نماذج عالمية لشعوب اخرى، ويستحوذ هذا المنحى على الجهود، اكثر نسبيا مما يبذل من جهود على استنهاض المشروع الكفاحي التحرري في فلسطين. وان تجارب الشعوب مفيدة بالأساس اذا كان الشعب يناضل ولديه مشروع نضالي هادف يوظف تجربة شعوب اخرى فيه.
في موازاة المناحي المذكورة هناك استثناء شبه كامل وتجاهل للتجارب العربية وتجارب العالم الثالث والمقصود ثورات التحرر الوطني والقومي من الاستعمار في اواسط القرن العشرين الماضي. وما نشهده اليوم ان اهمال هذه النماذج من كفاح الشعوب، يأتي في سياق اهمال وعملية "فك ارتباط" ذهني عند النخب الفلسطينية المذكورة بين النضال الفلسطيني والبعد العربي الاقليمي التحرري والتحريري. وباعتقادي ايضا، ان من يقف وراء هذه الاستعارة والاكثار من "تعلم التجارب" ووراء الخطاب الفلسطيني المشوش ذاتيا والمشوش للاخرين، هو اذعان نخب فلسطينية مهيمنة الى توازن القوى المحلي والعالمي وانعكاساته الحالية في المنطقة كأمر ثابت وليس متغيرا، واعتماد هذا الاذعان كموقف سياسي يكاد يكون مبدئيا وكما لو كان "مشروعا وطنيا". اما مضمونه فهو  عمليا التنازل عن معركة التحرير والتحرر الوطني والقومي لصالح مشروع "دولة" على حساب جوهر الحق الفلسطيني. فلا حديث عن السعي لتغيير توازن القوى بل إخضاع الحق الفلسطيني له.
ان احدى التجليات الرئيسية لهذه الحالة هي التنازل عن التعامل مع القضية الفلسطينية كمسألة ومشروع تحرر وطني من الاستعمار، وقرار النخب المذكورة الامتناع عن تعريف اسرائيل-  كما جوهرها  اي ككيان استعماري استيطاني احتلالي عنصري قائم على التطهير العرقي والنهب، وعمليا هذه هي مجتمعة تشكل المشروع الصهيوني في فلسطين  في حين تستعيض النخب عن ذلك باختزال مفهوم الاحتلال في نتائج عدوان 1967 والتغاضي عن المشروع الاحتلالي الاستعماري الاساسي في فلسطين والذي بلغ ذروته في احتلال 1948 والتطهير العرقي ونكبة الشعب الفلسطيني.
حسب المنطق التجزيئي فان التخلص من احتلال 1967 هو في نهاية المطاف بانسحاب الاحتلال الى حدود الرابع من حزيران ومعه المشروع الاستيطاني. والمقصود هنا انه حتى لو تحقق هذا التحول الهائل، فلن يمس بجوهر اسرائيل الاستعماري الاستيطاني العنصري. كما ان مشروع مكافحة التمييز العنصري الممؤسس في اسرائيل تجاه المواطنين العرب الفلسطينيين، ينعكس في "أحسن الأحوال" بالغائه لكن ضمن النظام القائم. اما التخلص من الاستعمار فهو بتصفية الاستعمار والتحرر الوطني وتحرير الشعب.
هكذا فبالنسبة الى الفلسطينيين فان من يريد ان يلعب او يحصر دوره في حدود الجزء يصبح الجزء كما لوكان هو الكل بالنسبة له، وهذا "الكل" المختزل يصبح منفصلا عن الجوهر-  عن الشعب وحقوق الشعب وعن القضية وجوهرها.
حول اللغة وحدود الموقف
سأكتفي هنا بنموذجين يتعلقان بالخطاب السياسي واللغة ومفردات النخب الفلسطينية، فحين تجري تسمية "جدار الفصل العنصري" او "جدار الابرتهايد" ففي الواقع فأن وصفه بالعنصرية او بالفصل العنصري هو أقل بكثير من هدفه كما حددته "اسرائيل"، وهو "الطف" بما لا يقاس من مدى اجراميته ومعاناة ضحاياه. بل أن إطلاق هذه التسمية عليه فذلك يأتي عوضا عن تسمية "بالجدار الاسرائيلي" مثلا أو  وبمفهوم أشمل "الجدار الصهيوني"، وذلك يعكس التفافا على استحقاقات التسمية والتي تعني نزع شرعية المسمى به اي الصهيونية والمشروع الصهيوني في فلسطين. وجدير التأكيد أن الصهيونية سبق وأُدينت في الامم المتحدة حتى وان لم يعد القرار ساريا.
والمثال الاخر هو ما جرت تسميته "احداث أكتوبر" عوضا عن "انتفاضة القدس والاقصى" او "الانتفاضة الثانية بعد أكتوبر". أن "أحداث أكتوبر هي تسمية اسرائيلية دخيلة على فلسطيني الـ 48 في حين تبنتها نخب اكاديمية وسياسية وقيادية في اوساط هذا الجزء من الشعب الفلسطيني. وهذه مقولة تعني الفصل بين فلسطيني الـ 48 وبين فلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة. أنها عملية تطويع للغة تعبّر عن مسعى لتطويع فلسطيني الـ 48 اسرائيليا ورسم الحدود داخل الشعب الفلسطيني وتشتيته وتشتيت قضيته العادلة وتشتيت انتفاضته التي ولاول مرة منذ العام 1948 تنطلق في كل الوطن الفلسطيني.
إن كلا المسميين المذكورين جرى استخدامهما بشكل وظيفي لتدارك "الحرج" عند البعض في تسمية الاشياء باسمها وبالاساس للحيلولة دون استحقاقات الخطاب غير الالتفافي- وبالذات في مسالة "الشرعية"- سواء شرعية اسرائيل ام شرعية القرار الفلسطيني بعد تغييب منظمة التحرير الفلسطينية واستحواذ السلطة الفلسطينية وليدة اتفاقيات أوسلو الظالمة على القرار الفلسطيني الفعلي. وجدير بي أن أعترف في هذا السياق انني سبق واستخدمت تسمية "الابارتهايد" للدلالة على جوهر اسرائيل،  لكن "أحداث أكتوبر" كان وسيبقى مرفوضا ومهينا للناس-  للشعب ولشهدائه. وفي استخدام تسمية الابرتهايد فان احدى الاشكاليات هي ان الابارتهايد ليس بالضرورة اسوأ من اسرائيل وان الصهيونية اكثر من حصرها في العنصرية والفصل العنصري. إنها تتشابه لكن أيضا تختلف.
"معذبو الأرض" وخطاب فانون "العالم ثالثي"
بروح "معذبو الارض" وما يؤكده فرانز فانون فإن دور "المثقف" والقائد هو ليس الصاق المسميات لاحداث صنعتها الناس في نضالها للتحرر القومي بل هو بنقل روح الجماهير الشعبية الثائرة والمنتفضة الى لغة الكلام والثقافة والخطاب والتحريض والتحرير. بل ان "تقدم الوعي القومي لدى الشعب يبدل ويوضح التعبير الادبي الذي يتولاه المثقف المستعمَر" وعن التحرر القومي يقول "كل شي في هذه المعركة يعتبر سلاحا، سواء كان التمثيل او الوعي او الثقافة، ولا يقتصر الامر على الامكانيات المادية فقط، لان تصفية الاستعمار تعتمد على الكائن البشري" ويضيف: "التحرر بالكفاح لا يزيل الاستعمار فحسب بل يزيل المستعمَر أيضا". ويضيف فانون: "العدو يحاول تخريب الامة" ولذلك فان تصفية الاستعمار تعني انهاء المستعمَر وتحرره. يأتينا فانون بتجربة عربية افريقية في مقاومة الاستعمار والتحرر القومي. وهو يؤكد ان التحرر القومي "يجعل الامة حاضرة على مسرح التاريخ. ففي قلب الوعي القومي ينهض الوعي العالمي ويحيا وليس هذا البزوغ المزدوج في اخر الامر الا بؤرة كل ثقافة".
غياب المدينة؟ وماذا عن غياب الريف؟
إن فانون البورتوريكي و"الجزائري" روحا واحد المناضلين الكبار في ثورة التحرر القومي الجزائري من الاستعمار الفرنسي، هو مثقف ومناضل وثائر، أورث في "معذبو الارض" مفاهيمه وفهمه وادراكه لجوهر نضال التحرر القومي ولجوهر الاستعمار ولجوهر الشعب المستعمَر.. انها تجربة متكاملة مع ان مشروعه الكتابي لم يكتمل اذا داهمه الموت وهو في الثلاثينات. ومع هذا فمن الظلم التعامل معه اليوم كمصدر للاقتباسات فحسب، بل انه يزودنا بقراءة عظيمة لروح المقاومة وكفاح التحرير ولروح الانطلاق العفوي ولروح الثقافة القومية والوعي القومي ولروح الشعب وبالذات اكثر الطبقات الشعبية صلابة وقوة في مقاومة الاستعمار حتى دحره، الا وهي طبقة الفلاحين في البلدان المستعمرة وليس البروليتاريا حسب فانون. ان هذه الطبقة (الفلاحين) هي الارضية الصلبة التي تلجا اليها المقاومة وتعيد انطلاقها معها حتى التحرير.
وهذا وبغض النظر عن التأييد او النقاش معه، فانه ينقلنا الى خطاب "الحداثة الفلسطيني" سواء في الوطن ام الشتات وبالذات فلسطيني الـ 48 والذي يؤكد ويشدد على "غياب المدينة" العربية الفلسطينية بمفهومها الثقافي والسياسي والحركة السياسية والمقاومة، لكن  قراءة فانون تجعلنا نتساءل بشكل اكثر الحاحا ان ما يعاني منه الشعب الفلسطيني وما ينقص مشروعه الحداثوي ليس فقط غياب "المدينة" او استعادتها بل ايضا غياب القرية والريف وتغيبهما في الخطاب الثقافي الفلسطيني والسياسي الفلسطيني ومن تجربة شعبنا الفلسطيني فلا احد يدافع عن الارض اكثر من اصحابها الفلاحين الصغار ولا احد يتالم لقطع المستعمرين لاشجار الزيتون اكثر من اصحاب الارض.  ولا أحد يعاني من مشروع تهويد النقب أو بناء المستعمرات أكثر من أصحاب الأراضي. كل ذلك مع تاكيد ان القرية الفلسطينة لم تعد قرية عادية  ولا الريف ريفا بل كلا الريف والمدينة تشوها. اما خطاب "الحداثة" فانه يحصر حدوده في فكرة "المدينة" ويتجاهل الريف والقرية.
مشروع المدينة ومشروع الريف الفلسطيني
تُكثِر النخب الثقافية الفلسطينية وبالذات أنصار خطاب "الحداثة" و"ما بعد الحداثة"، من الحديث عن "غياب المدينة" ويحمّلون على هذا ضعف الحركة الوطنية، وحسب هذا المنطق فإن عودة نشوء "المدينة"، حتى ولو الافتراضية تلازمها نهضة وطنية.
وبكلمات أخرى، في احتلالها لفلسطين عام 1948 وما سبقه وما تلاه قامت الحركة الصهيونية ومشروعها الاستعماري –اسرائيل باقتلاع وتهجير غالبية الشعب الفلسطيني وتدمير ونهب عمرانه المادي والثقافي والروحاني. كما ركزت على محورين متكاملين وهما تدمير واقتلاع ونهب المدينة الفلسطينية وتدمير ونهب الريف القروي الفلسطيني. وما تبقى بعد 1948 هو نكبة متواصلة وضمن ذلك عشرات قليلة من القرى المشتته وبقايا أحياء فقر في المدن الساحلية، ولا يمكن اعتبار القرى والتجمعات المتبقيّة ريفا بمفهوم التكامل والتواصل، ولا بقايا المدن المنهوبة بعد التطهير العرقي مدناً.
يأتينا فانون بتجربة تؤكد قوة العمق الريفي لحركة مقاومة الاستعمار. ومن نماذج قوة الريف والمجتمع القروي الفلسطيني في الانتفاضة الاولى (1987)، وعمليا في كل المعارك دفاعاً عن الأرض والوجود وتوفير مقومات الصمود والمواجهة والمقاومة الشعبية. وكذلك يوم الأرض 1976، ناهيك عن التجربة الأوسع في سنوات الثلاثين والأربعين من القرن العشرين في مواجهة الإستعمار الصهيوني.
لكن إسرائيل أيضا تجاوزت هذا الأمر، ولم تكتف بإحتلال الريف الفلسطيني بل واصلت بشكل منهجي التعامل معه كغنائم "حرب" ونهب ما تبقى منه من خلال مصادرة اراضية وخنقه، في حين واصلت إقامة الريف الصهيوني من "الموشاب" و"الكيبوتس" وأنواع أخرى من المستعمرات، وحولت الفلاح الفلسطيني ومجمل طبقة الفلاحين الى عاملين في هذه المستعمرات في مجال الزراعة وعلى هامش الاقتصاد الاسرائيلي وعلى هامش المزارع الإسرائيلي. عمليا فإن الإستعمار الصهيوني تعلّم الدّرس من كل أشكال الإستعمار الذي سبقه وسعى لخلق "مصلحة" تبعية لمن تبقى من الفلاحين الفلسطينيين الذين تحوّلوا قسراً الى مواطني اسرائيل ولسيطرة استعمارية كاملة، وفرضت الدولة عليهم نظام رقابة وحكم عسكري وإرهاب قانوني قضائي وثقافي وديني وتشويه هوية. فالاستعمار حسب قراءة فانون وحسب تجربة التاريخ، يتعلم من الاستعمار الذي سبقه ويتغذَى منه. كما تحفزّنا قراءة فانون للمقاومة والتحرر ودور الريف، الى أنه في مجتمعات "العالم الثالث" والشعوب التي تخوض معركة التحرر الوطني من الاستعمار فهي بحاجة الى "المدينة" والى "الريف" ونهضة المدنية ونهضة الريف معاً لتتحول الى نهضة وهبّة كل الشعب.
البعد الافريقي والبعد العربي
خلال تعرّضه للتجربة الجزائرية والتجارب الافريقية الاخرى ينبّه فانون الى أن كل أمة مستقلة في أفريقيا ستظل مطوّقة تتربّص بها الأخطار في كل لحظة، الى أن تتحرّر أفريقيا كلها من "الإستعمار". وهذا يعيدنا الى البعد العربي التحريري المغيّب لقضية فلسطين ولكل قضية عربية وطنية. وفي حين بدأت قضية فلسطين كقضية العرب في مواجهة الاستعمار العالمي حاضنة الصهيونية الاستعمارية، فقد حوّلتها حالة التشتيت الاستعماري للعرب والتشتت الذاتي للعرب الى قضية كما لو كان الانفصال عن البعد العربي أمراً طبيعيا أو مفروغا منه. وكما لو كان تحرير فلسطين لا علاقة له بتحرر العالم العربي والأمة العربية.
يربط فانون بين الثقافة الوطنية في كل بلد أفريقي وبين الثقافة الزنجية الأفريقية التي تشكل الحاضنة للثقافات الوطنية المنبثقة عنها،  وهذه الثقافة الجامعة هي في صلب مشروع التحرير الواسع وجزء منه، وهكذا هي الثقافة العربية المتداخلة والمتقاطعة مع الثقافة الافريقية في شمال أفريقيا والمغرب العربي وشرق أفريقيا الشمالي، حيث تجمع هذه المناطق البعدين الثقافيين الافريقي والعربي. وهي أيضا أبعاد تخلّى عنها المشروع الفلسطيني بطبيعته الحالية.
لقد استهدف الاستعمار ولا يزال يستهدف أفريقيا والعالم العربي. وإذ أدركت قيادات ثورات التحرر الوطني والقومي في أواسط القرن الماضي، جوهر الصراع مع الاستعمار وقرروا مقاومته، واقامة المنظومات الدولية مثل دول عدم الانحياز التي ضمت بلدان "العالم الثالث" وأدركوا البعد الواسع الاقليمي والعالمي للتحرر وتحرير الأمم كضمانة لحماية التحرر الوطني للشعوب، فإنّ الاستعمار لا يزول الا بالمقاومة لكن لا ننسى للحظة ان "العدو يحاول أن يخرب الأمة" ولا ينبغي أن نقع بالأوهام وكما أشار فانون "إن الأشكال الوحشية التي يكتسبها وجود المحتل قد تزول زوالا تاماً، والواقع ان زوالها هذا لا يعدو أن يكون إجراءً من أجل الحيلولة دون بعثرة قواته". وهذا ليس بعيداً عن الواقع الفلسطيني وواقع الاستعمار والاحتلال الاسرائيلي. ففي الواقع الاسرائيلي هناك مفردات مثل "اعادة الانتشار"، و"الانسحاب أحادي الجانب" و"اتفاقيات أوسلو" وغيرها. لكن ليس هذا ما يحسم المعركة لان الايام تتلو الايام.
"ولا ينبغي للمستعمَر المنخرط في الكفاح، ولا للشعب الذي يجب ان يستمر في مساندة الثورة، ان يتوقفا. يجب ان لا يتوهما ان الغاية قد تحققت وان الهدف قد تم الوصول اليه. يجب ان نشرح لهم الاهداف الحقيقية الذي يسعى الكفاح لتحقيقها. ويجب ان لا يتخيلوا ان بلوغ هذه الاهداف امر مستحيل" والحرب (التحرير الوطني) "ليست معركة واحدة كبيرة، وانما هي سلسلة من معارك محلية. ليس واحدة منها فاصلة في حقيقة الامر".
 ويبقى دوي تلك المقولة الهائلة مُلهماً للشعوب المستعمَرة وبشكل خاص للشعب الفلسطيني وهي قول فانون: "إن التحرر بالكفاح لا يزيل الاستعمار فحسب، بل يزيل المستعمَر" (بفتح الميم). لن يتوقف الشعب الفلسطيني عن النضال الى ان يزيل الاستعمار والى ان "يزيل المستعمَر" وينعتق ذاتيا كشعب حر في وطن محرر وسعيد.

كلمة شخصية:  حين نتحدث عن مناضل اممي فان فرانز فانون قد جسد هذه التسمية بكامل تعريفها، وهو يعتبر من أبرز المنظرين لثورات التحرر الوطني مع انه لم يقدم نفسه كمنظر للثورات لكنه نقل في "معذبو الارض" تجربة عظيمة.
ولد فرانز فانون في جزر المارتينيك وحارب مع الفرنسيين ضد النازيين في جزر الدومينيك، والتحق لاحقا بالثورة الجزائرية كطبيب نفسي، لكن دوره كان كمناضل وثوري ووصل الى قمة الثورة ضد الاستعمار الفرنسي.. جلّ رصيده الثقافي هو الموروث الذي يكشف جوهر الاستعمار وجوهر ثورة التحرر الوطني الجزائرية من وجهة نظرة كمناضل فيها وكمثقف نقلها الى شعوب العالم.
لم يكتمل مشروعه فقد داهمة المرض وتوفي في 6.12.1961 وهو في السادسة والثلاثين من عمره.
وتحية تقدير الى الصديقة ميريل فانون ماندس فرانس ابنه المناضل وسالكة دربه في دعم كفاح الشعوب من اجل العدالة والكرامة الانسانية والشعب الفلسطيني في كفاحه للتحرر الوطني. وترأس مؤسسة فرانز فانون في باريس.
___________________________________________________________________________________
امبر مخول : اسير فلسطيني وناشط سياسي وكاتب ومحلل سياسي 


http://www.change.org/petitions/release-palestinian-human-rights-defender-ayman-nasser-from-israeli-detention

Release Palestinian Human Rights Defender Ayman Nasser from Israeli DetentionWe call on the United Nations, European Parliament and all international stakeholders to uphold international human rights law and intervene for the immediate release of human rights defender and Addameer researcher, Ayman Nasser from detention by the Occupation.
go her to tack act: http://www.change.org/petitions/release-palestinian-human-rights-defender-ayman-nasser-from-israeli-detention

الثلاثاء، 4 ديسمبر 2012







‘I believe that every human being has opinions and positions and if it’s not violating the law he can freely think and speak these opinions. I am a human rights defender who supports the Palestinian prisoners and I represent my opinions in the public media. My thoughts are not secret, they are public, and everyone knows them’
Ayman Nasser addressing Israeli military court, 18 October 2012
#FreeAyman

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

صفد....
الكاتب: عزة محمود العزة
ركض الشباب يحملون علي... وهو بنزف دما والما ،مرورا بجانب القلعة القديمة ،وبرج الحمام الزاجل وصولا الى بيت فاطمة الصفدية ،وهي العارفة بالطب الشعبي . فيما المدافع تمطر المدينة موتا وخرابا....... نظرت فاطمة الى المقاتل الجريح وقالت ،هل سنغادر صفد ،هل سنترك كروم التفاح والعنب والتين وقبور امهاتنا.... ،قال علي : هل انت خائفة ؟ فاطمة :اني اخاف من غد وما الذي سيحل بنا ،اين نذهب وماذا سنأكل ،وماذا سنحصد ،وأين نحزن.... وأين نفرح .... وماذا ....وماذا... واين .

صمتت فاطمة وامسكت بالحمام ، وبدأت تكتب الرسائل وتلقيها للحمام ،وفتحت باب القفص وطيرت الحمام من البرج وهي تقول :هذا الحمام من بقايا صفد حين كانت مركزا تجاريا ومركز بريد ،منذ صلاح الدين وصرخت بصوت هستيري :( لا بد من وصول النجده). ثم اجهشها البكاء فجلست على الارض وهي تتمتم لقد مات ابي وهو يوصيني بالارض . ماذا سأقول له في الاخرة !! أضعتها .... ،كان يقول ان أرض صفد بكرية كل عام تعطيك وتعطيك (هيك الله خلقها).

فخاطبها علي الجريح ، لقد احتلوا جبل الجرمق وجبل كنعان وجبل ميرون والسوق وحي العين وهم يدخلون المدينة الان من الحي اليهودي. ارتعبت فاطمة ، واقترب صوت القصف ،وهدير اصوات المهاجرين من القرية ، عويل وبكاء وصرخ . حملت فاطمة علي بجروحه ،ومشت مرورا بالجامع الاحمر وزاية الشيخ العثماني وحي القصبة ، وهامت به مع الناس الهائمين على وجوههم ، لاتدري كيف وجدت نفسها في درعا السورية ،تجلس في خيمة صغيرة مع علي وجروحه والنكبة الفلسطينية.

جروح علي لا زالت تنزف ،بحثت فاطمة عن اعشاب فلسطين التي كانت تعالج بها فلم تجدها ،وهي تبحث تذكرت انها مع علي في نفس الخيمة ولاعلاقة تربطها به ،اسرعت واحضرت الشيخ وعقدت قرانها على علي ،نظر الشيخ الى علي وهو بين الحياه والموت فقال لها ، ابنتي ان زوجك يحتاج للدعاء الكثير.

سرت فاطمة الصفدية الى قبر صلاح الدين للدعاء لزوجها ...وهي تصلي ،حط على رأسها زوج حمام عرفت فاطمة الحمام انه من حمامها الذي ارسلته للنجدة ، حملته و عادت مسرعة ، وهي تفكر كيف ستذبح الحمام ، فتجد في جوفها بقايا أعشاب صفد ، فتصنع المرهم الشافي ، وبقايا قمح صفد فتزرع سهول درعا وتربي سرب حمام يظلل فلسطين والشام ، وتعيش مع علي حتى العودة ....، وصلت البيت فوجدت علي قد فارق الحياة . وعاشت فاطمة أرملة بكرية تنتظر العودة وحدها.

الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

عيلبون / بقلم باسل الاعرج و منى العمري


عيلبون



اربع مرات رفع " حاييم بطاطة " اصابعه الثلاثة , كل اصبع كان يشير الى حكم اعدام بحق احد شباب القرية  لن انسى هذا ما حييت .
جلوس في ساحة القرية امام الكنيسة التي لجأنا اليها , احتمينا باسوارها عل بيت الله يحمينا , كل القرية إجتمعت هناك بالاضافة لعائلة المواسي البدوية الذين كانوا ( يعزبون ) في اراضي القرية .
خاطب ذلك الضابط المسؤول عن كتيبة الهاجناه الخوري بصوت ساخط قائلا : اليس انت من لوح بمسدسه وقال بهذا المسدس سأحتل تل ابيب ؟ اذهب الى بيتك وكنيستك لم يحميك الا ملابسك .
واردف يقول : اريد الان ان تسلموني البرن ( رشاش الي ) الذي في القرية والا سنقوم باعدام مخاتير القرية
كان اهل القرية قد جمعوا المالواشتروا مدفعا رشاشا يدعى برين ليشكل نوعا من الردع مقابل اسلحة اليهود , وكان قد اشترى بعض رجال القرية البنادق , كل ثلاثة اشتركوا في ثمن بندقية .
وقف حاييم وبدأ يشير باصبعه ويختار , انت انت وانت وانت , اختار 17 شابا من القرية , يقتادونهم ثلاثا ثلاثا بحسب اشارات حاييم , يعود الجنود مبتسمين يتضاحكون بعد ان نسمع صوت الرصاص , وزعوا الشباب في كل اطراف القرية واعدموهم , قتلوا 12 شاب من القرية وقتلوا 15 من البدو من عشيرة المواسي,بعد سنين طوال عرفنا سبب حقدهم هذا , كان اثنان من الصهاينة المقاتلين قد قتلوا في معركة بالقرب من عيلبون وكانت اخت احدهم في القوة المهاجمة للقرية وقد حرضتهم على الثار لاخيها فكان المقابل 27 شابا عربيا.
الشباب الخمسة الاخرين وضعوهم امام القافلة العسكرية كدروع بشرية وامروا اهل عيلبون بالمسير الى قرية المغار , في قرية المغار امرهم جنود اخرين بالاستمرار مشيا الى الشمال حيث لبنان .
استقر اهالي عيلبون ومن يساكنهم من البدو في مخيم المية مية .
اقترب مني ذلك الجندي وسالني:  ما اسمك ؟
كنت ما ازال في الحادي والعشرين من عمري اجبته : بطرس شكري الياس مته .
قال لي : تحرك
                                                                                 : لست قادرا على المشي انا مصاب .اجبته
فقال لي : اذهب الى البيت اذا .
......
.
وصلنا الى المغار , كان حشد كبير من الناس هناك ,امرنا الجنود ان نكمل طريقنا شمالا , المغار لم ترحل فقد حمى اهلها بعض رجال الدين الدروز ومنعوا ترحيل اهلها ورضخ الصهاينة , وصلنا صيدا ونزلنا في مخيم يدعى المية مية .
الجو بارد جدا جدا هنا , نحن في اخر الخريف ونقبل على الشتاء , لا اغطية ولا متاع معنا , اقترح بعض الاهالي ان يعود احدهم الى القرية لكي يجلب بعضا من المتاع .
وقفت انا فارس ذيب المواسي , اسرجت حصاني وتوجهت جنوبا , مررت من القرى المهجرة كانت ملامح الحياة ما تزال تنبض فيها , تجنبت الطرق الاعتيادية لكي لا اصادف احدا من اليهود , وصلت عيلبون اخيرا .
وصلت الى القرية كان قد بقي فيها بعض كبار السن والخوري وشابان جريحان , ذهبت مباشرة الى بيت الخوري المطل على ساحة القرية التي اصبحت تعرف فيما بعد بساحة الشهداء , استقبلني واطمئن على الاخبار والناس , وقام باعطائي رسالة وقال لي :
" اعطيها لابني ولابن اخي في بيروت وكن حريصا عليها "
سالته : واذا اسرت في طريق عودتي ووقعت في يد اليهود يا ابونا ؟.
اجاب : لا تقلق فقد كتبتها بلغة لا يعرفها الا انا وابني .
وضعت الرسالة بين اكوام المتاع على ظهر الحصان وعدت الى صيدا .
........
ما زال الالم يقتلني , الرصاصة التي في فخذي ما زالت مستقرة في مكانها , كيفية اختيار الضحايا تزعجني عاملونا وكاننا لسنا بشرا , منظر ذلك الطفل الذي لم يتجاوز السنتين وهو مجبر على رفع يديه مثل باقي اهل القرية يؤرقني .
وجوه الشهداء واسمائهم تطاردني
نعيم , بديع , فؤاد , جريس , فضل , محمد , عازر , حنا , ميلاد , سمعان , عبد الله , رجا , زكي , وميخائيل , لم يكونوا ارقاما كانوا عائلات وقصص عشق وبيوت وتاريخ ومستقبل , ابتسامات واحزان  , امل وخيبات , كان لهم  زوجات واطفال , كتب مدرسية , ارض تنتظر من يداعبها لتفشي له اسرارها , كان لهم حيوانات تالفهم وتنتظر قدومهم ليطعموها , كان لهم حبيبات وقبلات مسروقة خفية عن الله والناس , كان لهم موائد يعمرها الضيوف , كان لهم اغانيهم وتراتيلهم وتلاواتهم , لكن لم يبقى الا المراثي .
 وفد من الامم المتحدة والصليب الاحمر كانوا قد مرواصدفةوقاموا بمعاينة الجثث وأرسلوا بدورهم ايضا رسالة للأمم المتحدة يصفون الوضع في عيلبون .. طلب مني الخوري بعدها ان ندفن الشهداء , دفنتهم انا وبعض الشباب من القرى المجاورة .
.......
تنهد قليلا ثم وقف وقال بعد ان سلمته الرسالة وقد قرأها :
ابي الخوري مرقص يطلب مني ان ارسل رسائل عدة الى كافة الجهات ومنها الامم المتحدة , احدثهم عن مجزرة القرية وطردهم لنا , ويطلب مني ان اطلب منهم الضغط على الصهاينة لنعود الى عيلبون , ويحذرني بأن لا اقع في فخ طائفيتهم التي يريدون اسقاطها علينا , يأمرني بأن لا نعود الا وعائلة المواسي معنا , فلسنا طوائف انما نحن مجتمع واحد كالبنيان المرصوص فاياكم وخدعهم , فان لم يعود كل اهل القرية ومن ساكنهم فلا تعود .
بدأابن الخوريوابن عمه في ارسال الرسائل الى كل الجهات طالبين بأن يضغطوا على الصهاينة لكي يعودوا الى اراضيهم .
.......
كان الوقت قد تجاوز العصر عندما ارسل لي الخوري ان ازوره في بيته .
عندما وصلت كان كل الباقيين في القرية قد اجتمعوا , قال الخوري : لقد استطعنا ان نجبر الصهاينة على القبول بعودة اهالي عيلبون الى القرية , حملت احدهممن دير حنا رسالة الى لبنان ليوصلها الى الاهل هناك بأن يعودوا الا انه عاد بعد يومين وبعد ان اخذ 40 جنيه ليقول لي انه لم يجد احدا من عيلبون , ما العمل ؟
علمت بأنه لا بد لاحدنا ان يفعل هذا , تشجعت وقلت : انا سأذهب يا ابونا .
قال لي : يا بطرس انت ما زلت مصابا , وهل تعرف الطريق الى لبنان ؟
اجبته : سأوكلها الى الرب , علما اني لم اتجاوز قرية المغار في ذلك الوقت ابدا .
اعددت عدتي وتجهزت قبل طلوع الفجر بساعة وانطلقت شمالا , قابلت بعضا من الناس فسألتهم الى اين هم متوجهين , اخبروني ان وجهتهم هي نفس وجهتي , فرافقتهم الى ان وصلت الى مخيم المية مية .
كان لقاء حميميا , الاسئلة تتوالى وتتكاثر , كل يريد ان يطمئن على الاخبار وعلى اقاربهم وعلى اراضيهم .
........
ران  الصمت بعد ان قال لهم ابن الخوري بأن يصمتوا لكي نسمع ما يحمل من اخبار , وقفت وما ان قلت " سمح لنا بالعودة " حتى دب الفرح والبكاء وصرخات الشكر والمناجاة لكل ما يؤمنون به .
قطع ذلك المشهد قول احد كبار السن " بس يا جماعة في مشكلة " , سكت الجميع لكي يكمل حديثه فقال :
عائلة المواسي لها نصيب من دم الصهاينة وهم من المغضوب عليهم واعمامك الاثنين يا فارس من المطلوبين للصهاينة , ولن نعود الا جميعا , لن نترك احدا خلفنا من القرية , وهناك منهم اثنين مطلوبين للصهاينة , فماذا سنفعل ؟
الحيرة بدت على محيا الجميع الى ان قال احدهم مازحا :
وشو يعني ؟ هو اليهود اللي ولدوهم وحافظين اشكالهم ؟ القصة بسيطة بنغير بس اسم عيلة المواسي لاسم اخر .
وقف فارس ذيب المواسيوقال : نعم صحيح , سنغير اسم العائلة الى شواهدة .
وهذا ما حدث
.......
بدات العودة , في الصباح التالي انطلق بطرس مع 17 فرد من القرية عائدا الى عيلبون , وصلوا الى مدخل القرية الشرقي , انسل بطرس متوجها الى الخوري واخبره بما حدث .
بعد عدة ايام انطلق باقي اهل القرية في رحلة العودة من صيدا الى عيلبون , كل اهالي القرية في قافلة العودة ويرافقهم البدو من المواسي , وصلوا الى مداخل القرية بدأ حاجز عسكري بالتأكد من هوياتهم , فقد عرفوا احد اعمام فارسوقال الجندي : ومنذ متى كان هناك مسلمون في عيلبون ؟ .
احد شباب القرية لم يمهله كثيرا حتى اجابه : ومنذ متى الاغراب يقسمون بيننا الورثة ؟ ومن كلفك لتسال عن دين فلان وعلنتان ؟ هذا اسلوب كل الغزاة " فرق تسد " تريدون تقسيمنا لمسلمين ومسيحيين ودروز وبدو وارمن وشكرس ووو .
اجاب الضابط : انتم تعودون هم لا .
رد عليه الشاب بحدة وقد اجتمعت كل القافلة واجتمع اهل القرية ممن عادوا وجاء الخوري مرقص : لا يوجد نحن وهم , نحن نحن وكفى , فاما ان نعود نحن او لا نعود .
ضج الجمع , الصيحات تتعالى , الكل يؤكد على كلام الشاب , خاف الجند , خمدت فتنتهم الطائفية . وعاد الكل .
عاد الكل ليجدوا ان بيوتهم قد نهبت وحيواناتهم قد سرقت , ومزروعاتهم قد سلبت , لم يطل الامر ابدا حتى جاء سكان القرى المحيطة بالعونة بالطعام والغذاء والملابس جاؤوا من دير حنا وعرابة , كخلية النحل الكل يعمل لاعادة بناء ما تهدم من قصف البيوت وتفجيرها , الكل يعمل لاعادة زرع المزروعات واستنهاض الارض وخيراتها .
خرج في 30/10/1948  ( 670 )شخص من سكان عيلبون متجهين شمالا , بعد سبعين يوما وعلى اثر موقف الخوري وابنه واهالي القرية عاد الى عيلبون والقرى المحيطة اكثر من 4000 فلسطيني .
https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=Ie-EzP1f2uY


منى عمري
باسل الاعرج 

السبت، 20 أكتوبر 2012


قصة قصيرة.. بيت جبرين
كان الخريف . في العام 1948 . وصلنا الى المدرسة ، اصطففنا ، قرأنا سورة الفاتحة ، وانشدنا " بلاد العرب اوطاني من الشام لبغدان، ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان " . لم ندخل غرفة الصف كعادتنا ، قالت المعلمة اليوم ذكرى معركة اجنادين التي حدثت على اراض القرية ، واليوم سوف نمثل معا معركة اجنادين ، قسم يمثل جيش الروم ويبقى في المدرسة ، والقسم الثاني يخرج الى اماكن مختلفة في البلد . ويعود مسلحا بالاجابة عن سؤال لماذا سمي هذا المكان بهذا الاسم ،واضافت المعلمة من يعود مع اجابة صحيحة يدخل المدرسة منتصرا ،ويخرج واحد بدلا عنه من المدرسة من الخصوم ، وهكذا....... ، اضافت هيا انطلقوا ......

احمد ذهب الى الجامع العمري .. ، فاطمة توجهت الى تل صندحنا ، هنده توجهت الى مقام الشيخ تميم الداري ، ابراهيم الى منطقة الانتيكا ، عبد العزيز الى بيرالعجمي ، يوسف الى برج الحمام .

ركضت مسرعة الى الى المقام ، فوجدت جدي ، سألته عن اسم المكان ، اجابني ، ثم سألني عن دورنا ، فقلت نحن جندرما المسلمين ، قال لا الجندرما اتراك ، فقلت اذا نحن فرق الخيالة ، قال هؤولاء انجليز ، ركضت مسرعة وهو يقول ، انتم كتائب فلسطين او قال كتائب المسلمين ، لاتسعفني الذاكرة الان .
وصلت مسرعة الى المدرسة سألني من في الداخل ما سبب تسمية المقام ، اجبت . ودخلت المدرسة منتصرة ، جاء ابراهيم ودخل منتصرا ، وكلما عرفنا انتصرنا ، وتراجع فريق الروم وصل يوسف وانتصر ، كنا فرحين وكدنا ننتصر في معركتنا ، لولا تأخر عبد العزيز الذي ذهب الى بير العجمي ، ولم يعد.

كنا ننتظر ، نظرت الى المعلمة ،كانت تنظر الى السماء ،اختفت ابتسامتها ، وبدأت تصرخ علينا بأن ندخل الى غرفة الصف ، حينها سمعت صوتا لم اسمع مثله من قبل سقطت على الارض وفقدت الوعي . فتحت عيني وابي يمسك يدي ، كانت المعلمة جثة هامدة ، ملطخة بالدماء ، والمدرسة اصبحت رماد ، كان اشبه بيوم القيامة ، الجميع يصرخ ويركض ، وانا اقول انتصرنا على الروم في المعركة لكنهم فجرو شيئا كبيرا ، وابي يسحبني من يدي ويقول هذه طائرة للصهاينه تقصف البلد ، امي تحمل بعض الارغفة واخي الصغير وتركض ، عمتي اطلقت سيقانها للريح وتركض ، عمي خالى والجيران الجميع يركض بعيدا عن البلد .

عبد العزيز لم يعد حتى اليوم من بير العجمي ، فاطمة وصلت الاردن ثم العراق ،وانقطعت اخبارها ، ابراهيم يقبع الان في مخيم الفوار في الخليل ، يوسف يعيش في مخيم سوف في جرش ، وأنا غادرت مخيم بيت جبرين الى قبر ما في ارض فلسطين ، واحمد الذي اصبح ابو العبد وهوالان في نهاية العقد السابع وفي خريف عمره ، يؤذن في الجامع العمري في مخيم الوحدات في الاردن، وبين الاذآن والاذآن يستذكر المدرسة ومعركتنا ... وينشد " بلاد العرب اوطاني من الشام لبغدان " .

الثلاثاء، 9 أكتوبر 2012

متى استعبدتم الناس !! وقد ولدتهم امهاتهم احرار !!


حكــيم الزمان عمره عشر سنوات والطاغيه هو الحجاج بن يوسف الثقفي .. !!
اليكـُم الاحداث ..
دخل غلام لا يتجاوز العاشرة من عمره على الحجاج في قبته الخضراء وعنده وجوه القوم ووجهاء العرب.
فنظر الغلام إلى القبة وقلب بصره فيها ثم قال بسخرية واستهزاء:" أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين".
وكان الحجاج متكئا فاستوى جالسا وقال: يا غلام إني أرى لك عقلا وذهنا, أح
فظت القرآن؟
الغلام : أخفت على القرآن من الضياع حتى أحفظه فقد حفظه الله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون."
الحجاج: أجمعت القرآن؟
الغلام: أو كان متفرقا حت أجمعه " إنا علينا جمعه وقرآنه."
فأخذت الحجاج الدهشة وراح يفكر ثم قال: أأحكمت القرآن؟
الغلام: أوليس الذي أنزله حكيما حتى أحكمه؟ "كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير."
وهنا تتجلى قوة التحدي في اللعب بالألفاظ ,فقد كان الحجاج من أذكى أهل زمانه فساءه أن تتحطم قوته أمام غلام ضعيف ،،
فقال: أو استظهرت القرآن؟
الغلام: معاذ الله أن أجعل القرآن ورائي ظهريا.
الحجاج: ويلك ماذا أقول؟
الغلام:الويل لك أنت , قل: أوعيت القرآن في صدرك؟
فتنهد الحجاج ثم قال:اقرأ لي شيئا من القرآن.
فجلس الغلام واستفتح قائلا: أعوذ بالله منك ومن الشيطان الرجيم, بسم الله الرحمن الرحيم :"إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يخرجون من دين الله أفواجا.."
فصاح الحجاج: ويلك إنهم يدخلون!!
الغلام: نعم إنهم كانوا يدخلون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأما الآن فإنهم يخرجون.
الحجاج: ولم؟
الغلام: لسوء فعلك بهم.وتوقع من في المجلس أن يأمر الحجاج بقتل الغلام.
ولكنه سأله: من أنت؟

الغلام: عبد الله
الحجاج: من أبوك؟
الغلام: الذي زرعني
الحجاج: أين نشأت؟
الغلام: في الجبال
الحجاج: من أرسلك إلي؟
الغلام: عقلي
الحجاج: أفمجنون أنت؟
الغلام: لو كنت مجنونا لما وقفت بين يديك كأني ممن يرجو فضلك ويخاف عقابك.
الحجاج: ناولني هذه الدواة
الغلام: لا
الحجاج: ولم؟
الغلام: أخاف أن تكتب بها معصية فأكون شريكك فيها.
الحجاج: ولكن أريد أن آمر لك بخمسين ألف درهم تستعين بها على ألا تعود إلينا.
فضحك الغلام.
الحجاج: ما أضحكك؟
الغلام: عجبت لجرأتك على ربك, تصدق بهذا المبلغ على من ظلمتهم وأهلكت راعيهم فإن الحسنات يذهبن السيئات.
فأطرق الحجاج ثم قال: ما رأيك في أمير المؤمنين؟
الغلام: رحم الله أبا الحسن
الحجاج: بل قصدت عبد الملك بن مروان
الغلام: على الفاسق الفاجر لعنة الله.
الحجاج: ولَمَ يستحق منك اللعنة؟
الغلام: والله لا أنكر فضله ولكنه أخطأ خطيئة ملأت السماء والأرض.

الحجاج: وما تلك؟
الغلام: حَكَمَكَ على الناس وأنت ظالم ووضعك في موضع لا تستحقه, تستبيح دماء الناس وأموالهم بغير حق
الحجاج: أتعرف من تكلم؟
الغلام: نعم, شيطان بني ثقيف الحجاج
فغضب الحجاج غضبا شديدا, واستفتى من حوله قائلا: ما ترون في أمر هذا الغلام؟
فأشاروا عليه بسفك دمه ..

عند ذلك قال الغلام: جلساء أخيك خير من جلسائك يا حجاج
الحجاج: أخي؟ من؟ الوليد؟
الغلام: بل فرعون, فإنه لما استفتى جلساءه في موسى أشاروا عليه بتركه, وهؤلاء أشاروا عليك بقتلي
فقام رجل من القوم وقال: هبه لي يا مولاي
الحجاج: هو لك لا بارك الله لك فيه
فضحك الغلام حتى احمر وجهه ثم قال: والله لا أدري أيكما أحمق من الآخر, الواهب أم المستوهب؟

الرجل: أأنجيك من القتل وتقابلني بهذا؟
الغلام: أو تملك لنفسك نفعا أو ضرا؟
الرجل: لا
الغلام:. فكيف تملك لنفسي أنا؟
فأخذ الحجاج بفصاحة هذا الغلام وقال:
يا غلام أمرنا لك بمائة ألف درهم, وعفونا عنك لصغر سنك, ورجاحة عقلك, فاخرج ولئن رأيتك في مجلسي هذا فسأدق عنقك.
الغلام: ما كنت لأقبل هبة تذيلها لفظات التهديد والوعيد, أما عفوك فبيد الله لا بيدك يا حجاج, لا جمعني الله وإياك حتى يلتقي السامري وموسى .
ثم خرج لا ينوي على شي

الاثنين، 8 أكتوبر 2012


الدولة الوحشية والتطهير الثقافي بقلم: د.شبلي محمود العزة
الدولة الوحشية........ والتطهير الثقافي
د.شبلي محمود العزة

انها لحظة تشكل ثقافة مصطنعة وميلاد دولة جديدة..... إنها دولة الاستعمار ....دولة اسرائيل... العنصرية ...التطهير العرقي... التطهير الثقافي.
إنها لحظة تدمير ثقافة أصيلة... إنها لحظة تغييب مشروع دولة..... إنها لحظة ابادة شعب....ولحظة تذويب مشروع نهضوي.
المتتبع للاحداث التي جرت من بداية القرن الماضي حتى 1948، يرى بوضوح أن هناك تعاونا بين دول الاستعمار ودول الجوار في ايجاد وبلورة مشروع احلالي على الارض الفلسطينية. استطاعت العصابات الصهيونية تدمير 531 قرية فلسطينية وطرد سكانها، بينها 270 قرية هجرها سكانها جراء هجوم عسكري مباشر، و 122 قرية طرد سكانها على يد القوات الصهيونية، وقد وثق سلمان ابو سته أكثر من 200 جريمة حرب و 34 مجزرة، وشردت تلك العصابات ما يقارب( 800 الف ) مواطن فلسطيني من ارضة، واستشهد الاف الفلسطينيين. هذا الترحيل والتشريد للفلسطيني كان مخططا له فلم يتمكن هذا المواطن من حمل الا ما وسعت يداه. لقد ترك كل شيء.
بداية العام 1947 كان في فلسطين(487) مدرسة حكومية و(317) مدرسة خاصة، بلغ عدد المعلمين في تلك المدارس (3772) معلما، وبلغ عدد الطلبة (118 الف) طالب.وكان هناك مئات المكتبات التابعة للمدارس ومئات المكتبات الخاصة والعامة. وعشرات الصحف والمجلات والمطبوعات، ودور النشر، والمطابع فمثلا( مطبعة جورج حنانيا في القدس فقد ذكرت المصادر ان هذه المطبعة طبعت ما بين العامين 1892- 1909 مائتين وواحد وثمانين كتابا عربيا وبعض الكتب باللغة الاجنبية)
واذا ما وضعنا هذه المعطيات وغيرها امامنا بالتاكيد سنعرف لماذا كان الحقد والعداء الصهيوني اتجاه كل ما هو فلسطيني ببساطة لقد كانت نسبة التمدن في اوساط المجتمع الفلسطيني مرتفعة فمن الناحية التكنولوجية كانت فلسطين من الاقطار المتقدمة في الشرق الاوسط والمدينةالفلسطينية مزدهرة (حيفا، يافا، القدس ونابلس، والخليل) والتطور كان مشهودا ليس فقط بالتجارة والبنوك والصناعات والمواصلات بل في الحياة الثقافية والفنية بتجلياتها وادبياتها.

لقد ترك ابناء الشعب الفلسطيني مئات بل الاف الكتب في مكتبات المدارس والمكتبات البيتية والخاصة، وتنوعت الكتب بين الموسوعات والمخطوطات والكتب النادرة والقصص والتراث الفكري والديني العربي والاسلامي، بمعنى أن فلسطين مثلت في تلك الفترة سلة غذاء تراثي وارث حضاري إنساني. وتشير المصادر رغم عدم توفرها أو قلتها الى أن العصابات الصهيونية استولت على تلك الكتب وصادرتها بمخطط كان يسير بتوجيه من أعلى هرم السلطة ( الاستيلاء على التاريخ والتراث).
اجتاحت جحافل الغزاه بيوت الفلسطينيين بيتا بيتا. والمدارس مدرسة مدرسة والمكتبات العامة والخاصة بالافراد والمؤسسات، وجمعت الكتب والمجلات والمطبوعات والنشرات وارسلتها لبيت الكتب الوطني، ومخازن الجيش الصهيوني و مكتبة الجامعة العبرية والارشيف الوطني الاسرائيلي. فتم جمع بين العاميين 1948 -1949 حوالي (300 الف كتاب)، وصلت للمكتبة الوطنية ومكتبة الجامعة العبرية. منها (30 الف ) كتاب من مدينة القدس ومن 40 – 50 الف كتاب من مدن حيفا ويافا، والباقي من القرى والمدن الاخرى.
لقد اشار احد الباحثين الاسرائيليين(غيش عميت) في مقالة له نشرت باللغة الانجليزية في مجلة Jerusalem Quarterly العدد 33 الصفحات (7-21) حول "كتب الفلسطينيين في عام 1948" الى نص رسالة ارسلت الى الدكتور كورت وورمان مدير "بيت الكتب الوطني في 26 تموز 1948 اي بعد ثلاثة أشهر من احتلال حي القطمون في القدس. 
ومما ورد بالرسالة: 
"بحسب تقديري فقد تمّ حتى الآن جمع حوالي 12 ألف كتاب، وربما أكثر. قسم كبير من مكتبات الكتاب والمتعلمين العرب موجود الآن في مكان آمن. كما توجد في حوزتنا عدة أكياس من المخطوطات التي لم تتضح قيمتها بعد. غالبية الكتب مصدرها من القطمون، ولكن أيضًا وصلنا إلى حيّ الألمانية والبقعة والمصرارة. لقد وجدنا عدة مكتبات عربية فاخرة في المصرارة. وأخرجنا من المصرارة أيضًا قسمًا من مكتبة المدرسة السويدية. لم تهدأ النفوس بعد في ذلك المحيط، لكن آمل بأن يكون في وسعنا مواصلة العمل هناك في غضون الأيام القريبة القادمة... قبل عدة أيام وضعت الجامعة (المقصود العبرية) تحت تصرّف هذه العملية 2- 3 عمال من مستخدميها. وقد أدى هذا إلى نجاعة كبيرة في العمل الذي اقتصر عدد المشتغلين فيه خلال الفترة الأخيرة على ثلاثة أشخاص فقط، هم غولدمان، إلياهو وأنا. وهؤلاء لم يعملوا فيه يوميا وإنما على فترات متقطعة".
ويشير نفس الباحث إلى أنه حتى أوائل العام 1949 تم جمع 18 ألف كتاب آخر، وبذلك فقد تسلم "بيت الكتب الوطنيّ" حوالي 30 ألف كتاب من العرب سكان القدس الغربية فقط، هذا دون حساب عدد الكتب التي جرى نهبها في مناطق أخرى، وأساسًا في المدن الفلسطينية الكبرى مثل حيفا ويافا. 

الجمعة، 5 أكتوبر 2012


لا تخبروا الشهداء اننا هنا

بقلم - معتز العزة


في ظل ظروف عصية عن الوصف، لم نكن يوماً قد هزمنا فنحن فقراء       فأرادة الله حكمت علينا ان نكون لاجئين ان نعيش بمكان لا يليق بنا ان نعيش في مكان لم نعرف الجغرافيا بداخله..... لنعد قليلاً الي الماضي لا تذهبوا بعيداً بعودتكم الي الماضي..... هل عدت هل شعرت بأننا لا نملك سوى كرامة قد بدأت في التبخر امسكوا قطرات الكرامة لا تسمحوا لها بالذهاب بعيداً الى سماء لم تعد لنا لتسقط على ارض قد فقدناها ولكننا لم نفقد البوصلة اليها نعم لم نفقد البوصلة بعد، فالاحتلال قائم وشعبنا لم يكن يوماً شعباً قد راهن علي قوته فالام الفلسطينية لا تزال تنجب لفلسطين وبنت فلسطين لم تسقط الراية بعد والشاب هنا على خط النار هو امام ترسانة قد عجزت دول نفط السبيل والعهر العربي من الوقوف امامها.
فالانقسام ايضاً سببه واضح فلم يأت لنا هذا الحدث من كوكب اخر فيا قيادة نفسكم في شقي الوطن لا تقتلونا مرتين لا تحاولوا ان تهزموا شعباً لم ولن يهزم لن نترك يتيماً بلا اب لن نذهب بعيداً فالارض لنا والشمس لنا ولا نريد ان تتكرموا علينا بالكلام عن الذين ضحوا من الاسرى والجرحى عن من هدم بيته وشرد واقتلع من ارضه وما زال صابراً صامداً مرابطاً فيا ابناء فلسطين اغضبوا وتمردوا وتقدموا لن نقبل بما كتب علينا اذا كان لا يتكلم عن حقنا، لا مكان لمتخاذل هنا
لم يبق للذل مكاناً بيننا
motaz-azzeh-writer
إضافة تسمية توضيحية
الشهداء اتركوهم وحدهم ولا تخبروهم عن حالنا هذا فلا نريد نحن ايضاً ان نتكلم عنهم.... فاذا اردنا فعل ذلك فعلينا ان نكون احياءً مثلما كانوا..... فلا تخبروا الشهدا اننا هنا.

الأحد، 30 سبتمبر 2012

محمد مشارقة، معتقل سياسي من قبل الأمن الوقائي.:

لا للاعتقال السياسي 


لن يبقى في بيته إلا خائف/عاجز
أشك أن بنا ميولاً مازوشية، أشك أننا نمر بتطور عكسي، بدأت أشك بمن قال: "تفاءلوا بالشعب تجدوه". ما يقطع كل هذه المشاعر بعض من الأحداث الماضية خلال عامي الحراك الشعبي (تمييزاً لا حصراً) الماضيين، ما حدث في 15 آذار رغم كل النتائج، و15 من أيار ورغم كل ما لم تحقق، ويعيد لنا الرابع من شباط الماضي ذكرى تأججها أزمة التصاعد المسبوق منذ حينها والتي لم تنته حتى الآن، أزمة الغلاء، أزمة القرصنة التي خاضها فياض على الشرعية بسن قانون للضرائب يأكل الأخضر والأصفر والأحمر (إن بقي عندهم حَميّة).


لا إكثار في الحديث اليوم، بلغ السيل الزبى، ورسالة إلى سيادة المندوب السامي الأمريكي (بيعرف حاله ورح يبعتلي زبانيته ) مفادها : لن نرحل! لن ينجح مشروع الترانسفير الذاتي، وسيخرج الشعب الذي سمعت صوته في الرابع من شباط من جديد، وستسمع لغة لم تسمعها أيامها.

كثر الأوغاد حول ما أكتب الآن، لا تخافوا أنا لا أخطط لشيء في السر، هذه معادلة حتمية، هل تظنون أن الشعب الذي يتلقى كل هذه الضربات سيبقى مدافعاً حتى النهاية؟ هل تظنون أن هذا الشعب سوف يخيب آماله الخاصة؟ وأنتم هل تختارون شعبكم أم تختارونه؟ ألا تعيشون الفقر معنا؟ هل يكفيك عزيزي ناقل هذه الرسالة للجهة المسؤولة ما تتقاضاه على كل معلومة مثل هذه ؟ هل ترى هذه المعلومة تساوي علبة سجائر الآن؟ هل لكم نقابة تدافع لكم كأي عامل له هذا الحق ؟ فكّر في هذا قبل أن ترسل هذه المعلومة، وأرسلها إن كانت تدر عليك مالاً، لن أقف في وجه رزقك، لكن اذكرني واذكر كل رفاقي بالخير على هذا الرزق الذي ندره عليكم، وسامحني على وصف (أوغاد) لكنه لا يليق إلا بهكذا تصرف،ونراك في المظاهرة القادمة بإذن الله، ستعرفني وأنا أيضاً أعرفك فإلى لقاء.