الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

عيلبون / بقلم باسل الاعرج و منى العمري


عيلبون



اربع مرات رفع " حاييم بطاطة " اصابعه الثلاثة , كل اصبع كان يشير الى حكم اعدام بحق احد شباب القرية  لن انسى هذا ما حييت .
جلوس في ساحة القرية امام الكنيسة التي لجأنا اليها , احتمينا باسوارها عل بيت الله يحمينا , كل القرية إجتمعت هناك بالاضافة لعائلة المواسي البدوية الذين كانوا ( يعزبون ) في اراضي القرية .
خاطب ذلك الضابط المسؤول عن كتيبة الهاجناه الخوري بصوت ساخط قائلا : اليس انت من لوح بمسدسه وقال بهذا المسدس سأحتل تل ابيب ؟ اذهب الى بيتك وكنيستك لم يحميك الا ملابسك .
واردف يقول : اريد الان ان تسلموني البرن ( رشاش الي ) الذي في القرية والا سنقوم باعدام مخاتير القرية
كان اهل القرية قد جمعوا المالواشتروا مدفعا رشاشا يدعى برين ليشكل نوعا من الردع مقابل اسلحة اليهود , وكان قد اشترى بعض رجال القرية البنادق , كل ثلاثة اشتركوا في ثمن بندقية .
وقف حاييم وبدأ يشير باصبعه ويختار , انت انت وانت وانت , اختار 17 شابا من القرية , يقتادونهم ثلاثا ثلاثا بحسب اشارات حاييم , يعود الجنود مبتسمين يتضاحكون بعد ان نسمع صوت الرصاص , وزعوا الشباب في كل اطراف القرية واعدموهم , قتلوا 12 شاب من القرية وقتلوا 15 من البدو من عشيرة المواسي,بعد سنين طوال عرفنا سبب حقدهم هذا , كان اثنان من الصهاينة المقاتلين قد قتلوا في معركة بالقرب من عيلبون وكانت اخت احدهم في القوة المهاجمة للقرية وقد حرضتهم على الثار لاخيها فكان المقابل 27 شابا عربيا.
الشباب الخمسة الاخرين وضعوهم امام القافلة العسكرية كدروع بشرية وامروا اهل عيلبون بالمسير الى قرية المغار , في قرية المغار امرهم جنود اخرين بالاستمرار مشيا الى الشمال حيث لبنان .
استقر اهالي عيلبون ومن يساكنهم من البدو في مخيم المية مية .
اقترب مني ذلك الجندي وسالني:  ما اسمك ؟
كنت ما ازال في الحادي والعشرين من عمري اجبته : بطرس شكري الياس مته .
قال لي : تحرك
                                                                                 : لست قادرا على المشي انا مصاب .اجبته
فقال لي : اذهب الى البيت اذا .
......
.
وصلنا الى المغار , كان حشد كبير من الناس هناك ,امرنا الجنود ان نكمل طريقنا شمالا , المغار لم ترحل فقد حمى اهلها بعض رجال الدين الدروز ومنعوا ترحيل اهلها ورضخ الصهاينة , وصلنا صيدا ونزلنا في مخيم يدعى المية مية .
الجو بارد جدا جدا هنا , نحن في اخر الخريف ونقبل على الشتاء , لا اغطية ولا متاع معنا , اقترح بعض الاهالي ان يعود احدهم الى القرية لكي يجلب بعضا من المتاع .
وقفت انا فارس ذيب المواسي , اسرجت حصاني وتوجهت جنوبا , مررت من القرى المهجرة كانت ملامح الحياة ما تزال تنبض فيها , تجنبت الطرق الاعتيادية لكي لا اصادف احدا من اليهود , وصلت عيلبون اخيرا .
وصلت الى القرية كان قد بقي فيها بعض كبار السن والخوري وشابان جريحان , ذهبت مباشرة الى بيت الخوري المطل على ساحة القرية التي اصبحت تعرف فيما بعد بساحة الشهداء , استقبلني واطمئن على الاخبار والناس , وقام باعطائي رسالة وقال لي :
" اعطيها لابني ولابن اخي في بيروت وكن حريصا عليها "
سالته : واذا اسرت في طريق عودتي ووقعت في يد اليهود يا ابونا ؟.
اجاب : لا تقلق فقد كتبتها بلغة لا يعرفها الا انا وابني .
وضعت الرسالة بين اكوام المتاع على ظهر الحصان وعدت الى صيدا .
........
ما زال الالم يقتلني , الرصاصة التي في فخذي ما زالت مستقرة في مكانها , كيفية اختيار الضحايا تزعجني عاملونا وكاننا لسنا بشرا , منظر ذلك الطفل الذي لم يتجاوز السنتين وهو مجبر على رفع يديه مثل باقي اهل القرية يؤرقني .
وجوه الشهداء واسمائهم تطاردني
نعيم , بديع , فؤاد , جريس , فضل , محمد , عازر , حنا , ميلاد , سمعان , عبد الله , رجا , زكي , وميخائيل , لم يكونوا ارقاما كانوا عائلات وقصص عشق وبيوت وتاريخ ومستقبل , ابتسامات واحزان  , امل وخيبات , كان لهم  زوجات واطفال , كتب مدرسية , ارض تنتظر من يداعبها لتفشي له اسرارها , كان لهم حيوانات تالفهم وتنتظر قدومهم ليطعموها , كان لهم حبيبات وقبلات مسروقة خفية عن الله والناس , كان لهم موائد يعمرها الضيوف , كان لهم اغانيهم وتراتيلهم وتلاواتهم , لكن لم يبقى الا المراثي .
 وفد من الامم المتحدة والصليب الاحمر كانوا قد مرواصدفةوقاموا بمعاينة الجثث وأرسلوا بدورهم ايضا رسالة للأمم المتحدة يصفون الوضع في عيلبون .. طلب مني الخوري بعدها ان ندفن الشهداء , دفنتهم انا وبعض الشباب من القرى المجاورة .
.......
تنهد قليلا ثم وقف وقال بعد ان سلمته الرسالة وقد قرأها :
ابي الخوري مرقص يطلب مني ان ارسل رسائل عدة الى كافة الجهات ومنها الامم المتحدة , احدثهم عن مجزرة القرية وطردهم لنا , ويطلب مني ان اطلب منهم الضغط على الصهاينة لنعود الى عيلبون , ويحذرني بأن لا اقع في فخ طائفيتهم التي يريدون اسقاطها علينا , يأمرني بأن لا نعود الا وعائلة المواسي معنا , فلسنا طوائف انما نحن مجتمع واحد كالبنيان المرصوص فاياكم وخدعهم , فان لم يعود كل اهل القرية ومن ساكنهم فلا تعود .
بدأابن الخوريوابن عمه في ارسال الرسائل الى كل الجهات طالبين بأن يضغطوا على الصهاينة لكي يعودوا الى اراضيهم .
.......
كان الوقت قد تجاوز العصر عندما ارسل لي الخوري ان ازوره في بيته .
عندما وصلت كان كل الباقيين في القرية قد اجتمعوا , قال الخوري : لقد استطعنا ان نجبر الصهاينة على القبول بعودة اهالي عيلبون الى القرية , حملت احدهممن دير حنا رسالة الى لبنان ليوصلها الى الاهل هناك بأن يعودوا الا انه عاد بعد يومين وبعد ان اخذ 40 جنيه ليقول لي انه لم يجد احدا من عيلبون , ما العمل ؟
علمت بأنه لا بد لاحدنا ان يفعل هذا , تشجعت وقلت : انا سأذهب يا ابونا .
قال لي : يا بطرس انت ما زلت مصابا , وهل تعرف الطريق الى لبنان ؟
اجبته : سأوكلها الى الرب , علما اني لم اتجاوز قرية المغار في ذلك الوقت ابدا .
اعددت عدتي وتجهزت قبل طلوع الفجر بساعة وانطلقت شمالا , قابلت بعضا من الناس فسألتهم الى اين هم متوجهين , اخبروني ان وجهتهم هي نفس وجهتي , فرافقتهم الى ان وصلت الى مخيم المية مية .
كان لقاء حميميا , الاسئلة تتوالى وتتكاثر , كل يريد ان يطمئن على الاخبار وعلى اقاربهم وعلى اراضيهم .
........
ران  الصمت بعد ان قال لهم ابن الخوري بأن يصمتوا لكي نسمع ما يحمل من اخبار , وقفت وما ان قلت " سمح لنا بالعودة " حتى دب الفرح والبكاء وصرخات الشكر والمناجاة لكل ما يؤمنون به .
قطع ذلك المشهد قول احد كبار السن " بس يا جماعة في مشكلة " , سكت الجميع لكي يكمل حديثه فقال :
عائلة المواسي لها نصيب من دم الصهاينة وهم من المغضوب عليهم واعمامك الاثنين يا فارس من المطلوبين للصهاينة , ولن نعود الا جميعا , لن نترك احدا خلفنا من القرية , وهناك منهم اثنين مطلوبين للصهاينة , فماذا سنفعل ؟
الحيرة بدت على محيا الجميع الى ان قال احدهم مازحا :
وشو يعني ؟ هو اليهود اللي ولدوهم وحافظين اشكالهم ؟ القصة بسيطة بنغير بس اسم عيلة المواسي لاسم اخر .
وقف فارس ذيب المواسيوقال : نعم صحيح , سنغير اسم العائلة الى شواهدة .
وهذا ما حدث
.......
بدات العودة , في الصباح التالي انطلق بطرس مع 17 فرد من القرية عائدا الى عيلبون , وصلوا الى مدخل القرية الشرقي , انسل بطرس متوجها الى الخوري واخبره بما حدث .
بعد عدة ايام انطلق باقي اهل القرية في رحلة العودة من صيدا الى عيلبون , كل اهالي القرية في قافلة العودة ويرافقهم البدو من المواسي , وصلوا الى مداخل القرية بدأ حاجز عسكري بالتأكد من هوياتهم , فقد عرفوا احد اعمام فارسوقال الجندي : ومنذ متى كان هناك مسلمون في عيلبون ؟ .
احد شباب القرية لم يمهله كثيرا حتى اجابه : ومنذ متى الاغراب يقسمون بيننا الورثة ؟ ومن كلفك لتسال عن دين فلان وعلنتان ؟ هذا اسلوب كل الغزاة " فرق تسد " تريدون تقسيمنا لمسلمين ومسيحيين ودروز وبدو وارمن وشكرس ووو .
اجاب الضابط : انتم تعودون هم لا .
رد عليه الشاب بحدة وقد اجتمعت كل القافلة واجتمع اهل القرية ممن عادوا وجاء الخوري مرقص : لا يوجد نحن وهم , نحن نحن وكفى , فاما ان نعود نحن او لا نعود .
ضج الجمع , الصيحات تتعالى , الكل يؤكد على كلام الشاب , خاف الجند , خمدت فتنتهم الطائفية . وعاد الكل .
عاد الكل ليجدوا ان بيوتهم قد نهبت وحيواناتهم قد سرقت , ومزروعاتهم قد سلبت , لم يطل الامر ابدا حتى جاء سكان القرى المحيطة بالعونة بالطعام والغذاء والملابس جاؤوا من دير حنا وعرابة , كخلية النحل الكل يعمل لاعادة بناء ما تهدم من قصف البيوت وتفجيرها , الكل يعمل لاعادة زرع المزروعات واستنهاض الارض وخيراتها .
خرج في 30/10/1948  ( 670 )شخص من سكان عيلبون متجهين شمالا , بعد سبعين يوما وعلى اثر موقف الخوري وابنه واهالي القرية عاد الى عيلبون والقرى المحيطة اكثر من 4000 فلسطيني .
https://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=Ie-EzP1f2uY


منى عمري
باسل الاعرج 

السبت، 20 أكتوبر 2012


قصة قصيرة.. بيت جبرين
كان الخريف . في العام 1948 . وصلنا الى المدرسة ، اصطففنا ، قرأنا سورة الفاتحة ، وانشدنا " بلاد العرب اوطاني من الشام لبغدان، ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان " . لم ندخل غرفة الصف كعادتنا ، قالت المعلمة اليوم ذكرى معركة اجنادين التي حدثت على اراض القرية ، واليوم سوف نمثل معا معركة اجنادين ، قسم يمثل جيش الروم ويبقى في المدرسة ، والقسم الثاني يخرج الى اماكن مختلفة في البلد . ويعود مسلحا بالاجابة عن سؤال لماذا سمي هذا المكان بهذا الاسم ،واضافت المعلمة من يعود مع اجابة صحيحة يدخل المدرسة منتصرا ،ويخرج واحد بدلا عنه من المدرسة من الخصوم ، وهكذا....... ، اضافت هيا انطلقوا ......

احمد ذهب الى الجامع العمري .. ، فاطمة توجهت الى تل صندحنا ، هنده توجهت الى مقام الشيخ تميم الداري ، ابراهيم الى منطقة الانتيكا ، عبد العزيز الى بيرالعجمي ، يوسف الى برج الحمام .

ركضت مسرعة الى الى المقام ، فوجدت جدي ، سألته عن اسم المكان ، اجابني ، ثم سألني عن دورنا ، فقلت نحن جندرما المسلمين ، قال لا الجندرما اتراك ، فقلت اذا نحن فرق الخيالة ، قال هؤولاء انجليز ، ركضت مسرعة وهو يقول ، انتم كتائب فلسطين او قال كتائب المسلمين ، لاتسعفني الذاكرة الان .
وصلت مسرعة الى المدرسة سألني من في الداخل ما سبب تسمية المقام ، اجبت . ودخلت المدرسة منتصرة ، جاء ابراهيم ودخل منتصرا ، وكلما عرفنا انتصرنا ، وتراجع فريق الروم وصل يوسف وانتصر ، كنا فرحين وكدنا ننتصر في معركتنا ، لولا تأخر عبد العزيز الذي ذهب الى بير العجمي ، ولم يعد.

كنا ننتظر ، نظرت الى المعلمة ،كانت تنظر الى السماء ،اختفت ابتسامتها ، وبدأت تصرخ علينا بأن ندخل الى غرفة الصف ، حينها سمعت صوتا لم اسمع مثله من قبل سقطت على الارض وفقدت الوعي . فتحت عيني وابي يمسك يدي ، كانت المعلمة جثة هامدة ، ملطخة بالدماء ، والمدرسة اصبحت رماد ، كان اشبه بيوم القيامة ، الجميع يصرخ ويركض ، وانا اقول انتصرنا على الروم في المعركة لكنهم فجرو شيئا كبيرا ، وابي يسحبني من يدي ويقول هذه طائرة للصهاينه تقصف البلد ، امي تحمل بعض الارغفة واخي الصغير وتركض ، عمتي اطلقت سيقانها للريح وتركض ، عمي خالى والجيران الجميع يركض بعيدا عن البلد .

عبد العزيز لم يعد حتى اليوم من بير العجمي ، فاطمة وصلت الاردن ثم العراق ،وانقطعت اخبارها ، ابراهيم يقبع الان في مخيم الفوار في الخليل ، يوسف يعيش في مخيم سوف في جرش ، وأنا غادرت مخيم بيت جبرين الى قبر ما في ارض فلسطين ، واحمد الذي اصبح ابو العبد وهوالان في نهاية العقد السابع وفي خريف عمره ، يؤذن في الجامع العمري في مخيم الوحدات في الاردن، وبين الاذآن والاذآن يستذكر المدرسة ومعركتنا ... وينشد " بلاد العرب اوطاني من الشام لبغدان " .

الثلاثاء، 9 أكتوبر 2012

متى استعبدتم الناس !! وقد ولدتهم امهاتهم احرار !!


حكــيم الزمان عمره عشر سنوات والطاغيه هو الحجاج بن يوسف الثقفي .. !!
اليكـُم الاحداث ..
دخل غلام لا يتجاوز العاشرة من عمره على الحجاج في قبته الخضراء وعنده وجوه القوم ووجهاء العرب.
فنظر الغلام إلى القبة وقلب بصره فيها ثم قال بسخرية واستهزاء:" أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين".
وكان الحجاج متكئا فاستوى جالسا وقال: يا غلام إني أرى لك عقلا وذهنا, أح
فظت القرآن؟
الغلام : أخفت على القرآن من الضياع حتى أحفظه فقد حفظه الله تعالى "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون."
الحجاج: أجمعت القرآن؟
الغلام: أو كان متفرقا حت أجمعه " إنا علينا جمعه وقرآنه."
فأخذت الحجاج الدهشة وراح يفكر ثم قال: أأحكمت القرآن؟
الغلام: أوليس الذي أنزله حكيما حتى أحكمه؟ "كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير."
وهنا تتجلى قوة التحدي في اللعب بالألفاظ ,فقد كان الحجاج من أذكى أهل زمانه فساءه أن تتحطم قوته أمام غلام ضعيف ،،
فقال: أو استظهرت القرآن؟
الغلام: معاذ الله أن أجعل القرآن ورائي ظهريا.
الحجاج: ويلك ماذا أقول؟
الغلام:الويل لك أنت , قل: أوعيت القرآن في صدرك؟
فتنهد الحجاج ثم قال:اقرأ لي شيئا من القرآن.
فجلس الغلام واستفتح قائلا: أعوذ بالله منك ومن الشيطان الرجيم, بسم الله الرحمن الرحيم :"إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يخرجون من دين الله أفواجا.."
فصاح الحجاج: ويلك إنهم يدخلون!!
الغلام: نعم إنهم كانوا يدخلون في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأما الآن فإنهم يخرجون.
الحجاج: ولم؟
الغلام: لسوء فعلك بهم.وتوقع من في المجلس أن يأمر الحجاج بقتل الغلام.
ولكنه سأله: من أنت؟

الغلام: عبد الله
الحجاج: من أبوك؟
الغلام: الذي زرعني
الحجاج: أين نشأت؟
الغلام: في الجبال
الحجاج: من أرسلك إلي؟
الغلام: عقلي
الحجاج: أفمجنون أنت؟
الغلام: لو كنت مجنونا لما وقفت بين يديك كأني ممن يرجو فضلك ويخاف عقابك.
الحجاج: ناولني هذه الدواة
الغلام: لا
الحجاج: ولم؟
الغلام: أخاف أن تكتب بها معصية فأكون شريكك فيها.
الحجاج: ولكن أريد أن آمر لك بخمسين ألف درهم تستعين بها على ألا تعود إلينا.
فضحك الغلام.
الحجاج: ما أضحكك؟
الغلام: عجبت لجرأتك على ربك, تصدق بهذا المبلغ على من ظلمتهم وأهلكت راعيهم فإن الحسنات يذهبن السيئات.
فأطرق الحجاج ثم قال: ما رأيك في أمير المؤمنين؟
الغلام: رحم الله أبا الحسن
الحجاج: بل قصدت عبد الملك بن مروان
الغلام: على الفاسق الفاجر لعنة الله.
الحجاج: ولَمَ يستحق منك اللعنة؟
الغلام: والله لا أنكر فضله ولكنه أخطأ خطيئة ملأت السماء والأرض.

الحجاج: وما تلك؟
الغلام: حَكَمَكَ على الناس وأنت ظالم ووضعك في موضع لا تستحقه, تستبيح دماء الناس وأموالهم بغير حق
الحجاج: أتعرف من تكلم؟
الغلام: نعم, شيطان بني ثقيف الحجاج
فغضب الحجاج غضبا شديدا, واستفتى من حوله قائلا: ما ترون في أمر هذا الغلام؟
فأشاروا عليه بسفك دمه ..

عند ذلك قال الغلام: جلساء أخيك خير من جلسائك يا حجاج
الحجاج: أخي؟ من؟ الوليد؟
الغلام: بل فرعون, فإنه لما استفتى جلساءه في موسى أشاروا عليه بتركه, وهؤلاء أشاروا عليك بقتلي
فقام رجل من القوم وقال: هبه لي يا مولاي
الحجاج: هو لك لا بارك الله لك فيه
فضحك الغلام حتى احمر وجهه ثم قال: والله لا أدري أيكما أحمق من الآخر, الواهب أم المستوهب؟

الرجل: أأنجيك من القتل وتقابلني بهذا؟
الغلام: أو تملك لنفسك نفعا أو ضرا؟
الرجل: لا
الغلام:. فكيف تملك لنفسي أنا؟
فأخذ الحجاج بفصاحة هذا الغلام وقال:
يا غلام أمرنا لك بمائة ألف درهم, وعفونا عنك لصغر سنك, ورجاحة عقلك, فاخرج ولئن رأيتك في مجلسي هذا فسأدق عنقك.
الغلام: ما كنت لأقبل هبة تذيلها لفظات التهديد والوعيد, أما عفوك فبيد الله لا بيدك يا حجاج, لا جمعني الله وإياك حتى يلتقي السامري وموسى .
ثم خرج لا ينوي على شي

الاثنين، 8 أكتوبر 2012


الدولة الوحشية والتطهير الثقافي بقلم: د.شبلي محمود العزة
الدولة الوحشية........ والتطهير الثقافي
د.شبلي محمود العزة

انها لحظة تشكل ثقافة مصطنعة وميلاد دولة جديدة..... إنها دولة الاستعمار ....دولة اسرائيل... العنصرية ...التطهير العرقي... التطهير الثقافي.
إنها لحظة تدمير ثقافة أصيلة... إنها لحظة تغييب مشروع دولة..... إنها لحظة ابادة شعب....ولحظة تذويب مشروع نهضوي.
المتتبع للاحداث التي جرت من بداية القرن الماضي حتى 1948، يرى بوضوح أن هناك تعاونا بين دول الاستعمار ودول الجوار في ايجاد وبلورة مشروع احلالي على الارض الفلسطينية. استطاعت العصابات الصهيونية تدمير 531 قرية فلسطينية وطرد سكانها، بينها 270 قرية هجرها سكانها جراء هجوم عسكري مباشر، و 122 قرية طرد سكانها على يد القوات الصهيونية، وقد وثق سلمان ابو سته أكثر من 200 جريمة حرب و 34 مجزرة، وشردت تلك العصابات ما يقارب( 800 الف ) مواطن فلسطيني من ارضة، واستشهد الاف الفلسطينيين. هذا الترحيل والتشريد للفلسطيني كان مخططا له فلم يتمكن هذا المواطن من حمل الا ما وسعت يداه. لقد ترك كل شيء.
بداية العام 1947 كان في فلسطين(487) مدرسة حكومية و(317) مدرسة خاصة، بلغ عدد المعلمين في تلك المدارس (3772) معلما، وبلغ عدد الطلبة (118 الف) طالب.وكان هناك مئات المكتبات التابعة للمدارس ومئات المكتبات الخاصة والعامة. وعشرات الصحف والمجلات والمطبوعات، ودور النشر، والمطابع فمثلا( مطبعة جورج حنانيا في القدس فقد ذكرت المصادر ان هذه المطبعة طبعت ما بين العامين 1892- 1909 مائتين وواحد وثمانين كتابا عربيا وبعض الكتب باللغة الاجنبية)
واذا ما وضعنا هذه المعطيات وغيرها امامنا بالتاكيد سنعرف لماذا كان الحقد والعداء الصهيوني اتجاه كل ما هو فلسطيني ببساطة لقد كانت نسبة التمدن في اوساط المجتمع الفلسطيني مرتفعة فمن الناحية التكنولوجية كانت فلسطين من الاقطار المتقدمة في الشرق الاوسط والمدينةالفلسطينية مزدهرة (حيفا، يافا، القدس ونابلس، والخليل) والتطور كان مشهودا ليس فقط بالتجارة والبنوك والصناعات والمواصلات بل في الحياة الثقافية والفنية بتجلياتها وادبياتها.

لقد ترك ابناء الشعب الفلسطيني مئات بل الاف الكتب في مكتبات المدارس والمكتبات البيتية والخاصة، وتنوعت الكتب بين الموسوعات والمخطوطات والكتب النادرة والقصص والتراث الفكري والديني العربي والاسلامي، بمعنى أن فلسطين مثلت في تلك الفترة سلة غذاء تراثي وارث حضاري إنساني. وتشير المصادر رغم عدم توفرها أو قلتها الى أن العصابات الصهيونية استولت على تلك الكتب وصادرتها بمخطط كان يسير بتوجيه من أعلى هرم السلطة ( الاستيلاء على التاريخ والتراث).
اجتاحت جحافل الغزاه بيوت الفلسطينيين بيتا بيتا. والمدارس مدرسة مدرسة والمكتبات العامة والخاصة بالافراد والمؤسسات، وجمعت الكتب والمجلات والمطبوعات والنشرات وارسلتها لبيت الكتب الوطني، ومخازن الجيش الصهيوني و مكتبة الجامعة العبرية والارشيف الوطني الاسرائيلي. فتم جمع بين العاميين 1948 -1949 حوالي (300 الف كتاب)، وصلت للمكتبة الوطنية ومكتبة الجامعة العبرية. منها (30 الف ) كتاب من مدينة القدس ومن 40 – 50 الف كتاب من مدن حيفا ويافا، والباقي من القرى والمدن الاخرى.
لقد اشار احد الباحثين الاسرائيليين(غيش عميت) في مقالة له نشرت باللغة الانجليزية في مجلة Jerusalem Quarterly العدد 33 الصفحات (7-21) حول "كتب الفلسطينيين في عام 1948" الى نص رسالة ارسلت الى الدكتور كورت وورمان مدير "بيت الكتب الوطني في 26 تموز 1948 اي بعد ثلاثة أشهر من احتلال حي القطمون في القدس. 
ومما ورد بالرسالة: 
"بحسب تقديري فقد تمّ حتى الآن جمع حوالي 12 ألف كتاب، وربما أكثر. قسم كبير من مكتبات الكتاب والمتعلمين العرب موجود الآن في مكان آمن. كما توجد في حوزتنا عدة أكياس من المخطوطات التي لم تتضح قيمتها بعد. غالبية الكتب مصدرها من القطمون، ولكن أيضًا وصلنا إلى حيّ الألمانية والبقعة والمصرارة. لقد وجدنا عدة مكتبات عربية فاخرة في المصرارة. وأخرجنا من المصرارة أيضًا قسمًا من مكتبة المدرسة السويدية. لم تهدأ النفوس بعد في ذلك المحيط، لكن آمل بأن يكون في وسعنا مواصلة العمل هناك في غضون الأيام القريبة القادمة... قبل عدة أيام وضعت الجامعة (المقصود العبرية) تحت تصرّف هذه العملية 2- 3 عمال من مستخدميها. وقد أدى هذا إلى نجاعة كبيرة في العمل الذي اقتصر عدد المشتغلين فيه خلال الفترة الأخيرة على ثلاثة أشخاص فقط، هم غولدمان، إلياهو وأنا. وهؤلاء لم يعملوا فيه يوميا وإنما على فترات متقطعة".
ويشير نفس الباحث إلى أنه حتى أوائل العام 1949 تم جمع 18 ألف كتاب آخر، وبذلك فقد تسلم "بيت الكتب الوطنيّ" حوالي 30 ألف كتاب من العرب سكان القدس الغربية فقط، هذا دون حساب عدد الكتب التي جرى نهبها في مناطق أخرى، وأساسًا في المدن الفلسطينية الكبرى مثل حيفا ويافا. 

الجمعة، 5 أكتوبر 2012


لا تخبروا الشهداء اننا هنا

بقلم - معتز العزة


في ظل ظروف عصية عن الوصف، لم نكن يوماً قد هزمنا فنحن فقراء       فأرادة الله حكمت علينا ان نكون لاجئين ان نعيش بمكان لا يليق بنا ان نعيش في مكان لم نعرف الجغرافيا بداخله..... لنعد قليلاً الي الماضي لا تذهبوا بعيداً بعودتكم الي الماضي..... هل عدت هل شعرت بأننا لا نملك سوى كرامة قد بدأت في التبخر امسكوا قطرات الكرامة لا تسمحوا لها بالذهاب بعيداً الى سماء لم تعد لنا لتسقط على ارض قد فقدناها ولكننا لم نفقد البوصلة اليها نعم لم نفقد البوصلة بعد، فالاحتلال قائم وشعبنا لم يكن يوماً شعباً قد راهن علي قوته فالام الفلسطينية لا تزال تنجب لفلسطين وبنت فلسطين لم تسقط الراية بعد والشاب هنا على خط النار هو امام ترسانة قد عجزت دول نفط السبيل والعهر العربي من الوقوف امامها.
فالانقسام ايضاً سببه واضح فلم يأت لنا هذا الحدث من كوكب اخر فيا قيادة نفسكم في شقي الوطن لا تقتلونا مرتين لا تحاولوا ان تهزموا شعباً لم ولن يهزم لن نترك يتيماً بلا اب لن نذهب بعيداً فالارض لنا والشمس لنا ولا نريد ان تتكرموا علينا بالكلام عن الذين ضحوا من الاسرى والجرحى عن من هدم بيته وشرد واقتلع من ارضه وما زال صابراً صامداً مرابطاً فيا ابناء فلسطين اغضبوا وتمردوا وتقدموا لن نقبل بما كتب علينا اذا كان لا يتكلم عن حقنا، لا مكان لمتخاذل هنا
لم يبق للذل مكاناً بيننا
motaz-azzeh-writer
إضافة تسمية توضيحية
الشهداء اتركوهم وحدهم ولا تخبروهم عن حالنا هذا فلا نريد نحن ايضاً ان نتكلم عنهم.... فاذا اردنا فعل ذلك فعلينا ان نكون احياءً مثلما كانوا..... فلا تخبروا الشهدا اننا هنا.