الخميس، 16 أغسطس 2012

ليس بالخبز وحده يحيا الانسان .. بل بكل كلمة يفوه بها

الكسندرا حلبي (ام رائد)
 لا تتابع ولا يهمها حلقات المسلسلات التركية، ولا يعنيها من يفوز في برنامج المواهب العربية، وليست قادرة على التنزه او التسوق في ايام الاجازات. فهي بالكاد تجمع وتطرح وتزيد وتحسب ارقام وتواريخ  كثيرة، ما بين تاريخ اعتقال وتاريخ افراج وموعد محكمة  بالاضافة إلى عدد ايام الاضراب عن الطعام، تحاول ان تراجعها في كل مساء لكي تبقى على تواصل روحي بينها وبين ابنائها الاربعة القابعين في سجون الاحتلال.
هي ليست الخنساء، فلم تنظم شعراً لأبنائها، بل هي تحفر بارادتها طريقا للوطن وتصبر وتستمر في المضي قدما، تتعب من اخفاء الدموع في عيونها وتذهب لبيتها  ببطئ شديد تاركة ألماً كبيراً في قلب كل من يقابلها او يجلس معها .
والدة الاسرى
بدأت مواجهتها مع الاحتلال منذ 8 سنوات، حيث كان اعتقال ابنها الاول (رائد) في صيف 2004 بعد ان اقتحمت قوة من الجيش منزل العائلة وخرجوا معهم الابن الاكبر وخلفوا دمارا في المنزل، وما ان مضت ايام قليلة حتى عادوا واعتقلوا الابن الثاني (نائل) ومن ثم عادوا ليعتقلوا الابن الثالث (ناصر) بعد فترة.
وبدات الام والاب في مرحلة جديدة وفصل جديد من فصول المعاناة الفلسطينية، إلى أن خرج أبناءها الاثنين بعد مضي عامين وبقي واحد فقط، انتظرته امه طويلا لكي تحقق حلمها باجتماع العائلة، وان ترى ابنائها حولها.
تجتهد الام كثيرا لكي تنسق وقتها ما بين السجون والمحاكم، وتنسى في كثير من الاحيان ان تتناول طعامها من شدة التوتر اليومي الذي تعيشه.
فذاكرتها اصبحت مثل رزنامة يوميه او اجندة مكتظة بالمواعيد ولكن لا تفوتها اي نقطة او ملاحظة او موعد، وبعد سنوات عجاف عاشتها العائلة مشتتة ومبعثرة قسرا عن بعضها، بدأ الاولاد بالخروج من السجون، فقد خرج رائد وقضى حكمه وهو 17 شهر ونائل وقد قضى حكمه وهو 54 شهر وناصر وقد قضى حكمه وهو 24شهر .
لم تنتهي المعاناة هنا ولم تفرح الام كثيرا حيث أعاد الاحتلال اعتقال ابنائها مرة اخرى، ليطال الاعتقال الابن الرابع (رامي)، لتعود الام الى برنامجها مرة اخرى، تخرج من المنزل قبل شروق الشمس وحيدة في الشارع تمشي الهوينه وبوصلتها الوحيده هي قلبها.
في الرياح العاتية يعتمد القلب
تعود الى المنزل مثقلة ومتعبة لتعيش بين كلمات ابنائها أثناء زيارتهم،  تحاول ان تعيد الامل الى نفسها لتهيئ نفسها الى يوم جديد وزيارة جديدة او محكمة قريبة او لتدون ما يحتاجه ابنائها من اغراض لكي تؤمنها لهم في الزيارة المقبلة .
 ابنائها الاربعة اصبحوا خلف القضبان، وهي مازالت تناضل وتحارب وتتنقل بين السجون والمحاكم واضافة لذلك اصبحت ملازمة لكل نشاطات الاسرى في خيم الاعتصام وملتزمة في جميع المواعيد ولا تتاخر على اي موعد، تراها تقف بهدوء ووقار تحمل صورة لابنائها الاربعة وفي تجاعيد وجهها ترتسم خارطة الوطن وداخل قلبها تعزف لحن الوطن .
ورغم الانهاك والشوق والمعاناة التي نراها في عيونها الا انها تحمل من الصلابة والاباء ما يكفي الانسانية لتتحرر، نعم فهي التي انجبت مقاتلين رائعين مضوا في طريق الفداء وتقدموا الصفوف.
هي الام التي في اشد الظروف وأصعبها تقول: انا مثل كل ام فلسطينية لا أكل ولا اتعب طالما اولادي مناضلين ماضون الى تحرير الوطن.
 إنه الوطن الذي يزرع فينا عشقه الابدي وهي الام التي تزرع في الوطن جماله الازلي، وهي المدرسة الوطنية التي تصنع اجيال المجد .
الأبناء الأربعة: وهم جميعهم الآن خلف القضبان
رائد سمير حلبي: يبلغ من العمر 28 عام وهو من مواليد 6/3/1984 درس علم الاجتماع في جامعة بيرزيت  وانهى البكالوريس في عام 2008 عمل كباحث ميداني في الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال/ فرع فلسطين . قضى 17 شهر سابقا وحاليا يقضي حكما لمدة 26 شهر.
نائل سمير حلبي: يبلغ من العمر 25 عام  وهو من مواليد 17/6/1987 وهو طالب في جامعة بيرزيت –كلية الاداب وقد قضى 54شهرا ما يعادل اربع سنوات ونصف وحاليا يقضي حكما لمدة 14 شهر.
ناصر سمير حلبي: يبلغ من العمر 22 عام وهو من مواليد 26/1/1990 يبلغ من العمر 22 عام درس في جامعة بيت لحم وتعرض للاعتقال لمدة عامين (24 شهر ) وانتقل للدراسة في جامعة القدس المقتوحة في رام الله لدراسة علم الاجتماع وحاليا هو موقوف.
رامي سمير حلبي: يبلغ 27 عام وهو من مواليد 26/3/1984 طالب في جامعة القدس المفتوحة  وهو موقوف.

الأربعاء، 23 مايو 2012

اكاد اجزم ام ابراهيم مع حمدين صباحي _ علاء العزة

هذا الصباح استوقفني مقال إياد برغوثي حول سيجارته وحمدين صباحي. استثارني المقال فدخلت الى موقع حملة صباحي وقرأت البيان الانتخابي بتفاصيله. تداخلت صور كثيره في مخيلتي وأنا أراجع البيان الانتخابي وتاريخ الرجل ووجدت نفسي اكتب ذاكرتي مع بيانه الانتخابي.

أم إبراهيم:

في أواخر عام 2001 وصلت الدبابات الإسرائيلية إلى مداخل المخيم، احتل الجنود المباني العالية المطلة على المخيم، بدأ القصف. مجموعة الشباب المقاوم في المخيم لا تتجاوز عشرة أشخاص، ثماني بنادق قديمة وبندقيتي كلاشينكوف.

رصاصة واحدة يقابلها سلسلة من القذائف وصليات الرصاص المتفجر. في اليوم الثالث لحصار المخيم احترق أول منزل نتيجة القصف. منزل أم إبراهيم احترق الطابق الثاني منه بالكامل. أم إبراهيم ولدت قبل النكبة بعشر سنوات، عاصرت أحلام العرب وهزائمهم. لكنها احتفظت بصورة وحيدة في بيتها، كانت صوره جمال عبد الناصر.

بعد انتهاء القصف وانفكاك الحصار بدأت أم إبراهيم سرد قصة القصف والحرق للأهالي بطريقة جميلة وتفصيلية، ولكن من زاوية كانت غريبة علينا كجيل لم يعاصر إلا الهزائم.

إم إبراهيم بدأت القول: "الجنود احتلوا العمارة المقابلة، صورة عبد الناصر معلقة قبالهم، أول إشي بلشو يطخوا (يطلقون النار) عليه هو عبد الناصر. أنا طلعت من الطابق الأرضي وشفت أول الرصاص كان بجانب الصورة. حرقوا البيت عشان صورة عبد الناصر".

كنا مجموعة من الشباب نحاول أن نساعد في تنظيف المنزل ونمازح أم إبراهيم بأن القصف كان عشوائياً ولم يقصد به صورة عبد الناصر أو غيره. أم إبراهيم لم يعجبها حديثنا، كانت مصرة أن عبد الناصر هو المستهدف، وكانت تضيف جملتها التي لن أنساها " يا اولاد، العرب عمرهم ما بيصيروا إشي بدون مصر".

توفيت أم إبراهيم بعد عدة سنوات، لم تر ثورة مصر في طريقها للانتصار. لم تكن أم إبراهيم استئناءاً، منذ انتصار الثورة في مصر وأنا اعود بالذاكرة إلى حوارات كثيرة دارت بيني وبين رجال ونساء في فلسطين عايشوا تلك الفترة. مصر هي محورها، هي بداية الحوار ونهايته. حوارت مليئة بالشجن إلى زمن جميل مليء بالأحلام الكبرى والتضحيات الجلل. أكاد أجزم، بعد قراءة البرنامج الانتخابي لحمدين صباحي، لو أن أم إبراهيم لا تزالت على قيد الحياة لاختارت صورة حمدين صباحي على حائط منزلها بعد ترميمه.

القمح والمصنع:

بعد ثلاثة أيام من خلع مبارك، وصلت جامعة بير زيت، التقاني طلبتي يوزعون الحلوى احتفالاً بالثورة. أغنية عبد الحليم "احلف بسماها وبترابها" تصدح من مكبر الصوت. إحدى طالباتي عمرها لا يتجاوز العشرين تقول لي أعجبتني فكرة "القمح والمصنع"، وتكمل بالقول إن هذه الأغنية بيان سياسي/اجتماعي. نعم هي كذلك، صورة للحظة تاريخية ارتبط فيها الاستقلال السياسي والكرامة الوطنية مع المطالب الاجتماعية، مع العمال والفلاحين حيث الوطن مشروع نهضوي والسياسة تعبير عن مصالح الأغلبية.

في ذلك الأسبوع طلب مني أن قدم قراءتي لشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" في احدى الندوات في مدينة رام الله فكتبت: " بقدر ما هو الشعار تفكيكي الطابع إلا أنه يحمل في طياته نواة البناء لواقع جديد. إن الشعار يحمل ثلاثة مركبات أساسية هي الخبز والكرامة والحرية. فالخبز فهو الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية والحق في التنمية، أما الكرامه فهي العقد الاجتماعي الجديد القائم على المواطنة واحترام الفرد وتحوله إلى ذات بعد أن كان موضوعاً مملوكاً لوطن مشخصن، أما الحرية فهي المشروع الجمعي للتخلص من منظومة القمع الاستعماري الواقع على الدولة ومجتمعها".

لم تكن تلك أفكاري وحدي، وإنما خلاصة الحوار مع طلبتي وطالباتي في الجامعة. أكاد أجزم، بعد قراءة البرنامج الانتخابي لحمدين صباحي، لو أن طلبتي يعيشون في مصر لكانوا أول المتطوعيين في حملة حمدين صباحي. 

الثلاثاء، 22 مايو 2012

عندما اجتمعت الاساطير ولد صلاح_ باسل الاعرج


MONDAY, MAY 21, 2012



عندما اجتمعت الاساطير ولد صلاح


بروميثيوس[1] كان هناك ، كلاب شيطانية تنهش كبده ، سرق شعلة النار بسكينه ليهديها لمن ظن بأنهم يستحقون المعرفة ، القاها لنا ، انطفأت بفعل بصاق الكلمات من افواه اصحاب الانوف المستطيلة البينوكيون الذين يحرضون على البناء والدولة .

طريق الالام رسمتها خطوات نعلك البني نحو قيامة الفقراء ، مسيح يستنسخ في كل يوم ، روح هائمة لم تجد الا بني قومك مستقرا لها ، صليبه كان خشبا ، صليبك تراب وحجر ، ان صليبك الارض المشتهاة فلا تلقيها كما القى ابن مريم صليبه ورحل .

فيتزوفيوس[2] هذه المرة كان بين ميلاد نبي وموت نبي[3] ، سبارتاكوس[4] لم يقطع الميدان مطاطأ الرأس بل حملوه على حمالة الى قبو العبيد المجالدين ، تلفت حوله فرأى عبيدا منا لبسوا زي حاشية القيصر ، واطلقوا مشروعا وطنيا لاقامة دولة العبيد بمشيئة كراسوس[5] .

اللات اشتاقت الى ايل ، حزنها الازلي تفجر ، منعها جبل الربة والاحمر صار احمر ورمادي وكائنات شقر مخضرين تنهرها عن ايلها[6] .

يستصرخ بينلوبي[7] ، اما آن لك ان تتوقفي عن لعبتك السمجة ، لم يعد احد يرجوك له زوجة ، عند خوف العبيد لا يقذفون الا شتائما وادرينالين اما التستستيرون فهو لرفاهية الاحرار ، لا تخيطي لك ثوبا ولا تخيطي لي كفنا ، خيطي لهم اقنعة ومقاليع .

عزيزي صلاح ...

اذا لاقيت الملائكة نوصيك بهم رفقا ، فلهم في بدر صولة ...

لا تقلق فقد عرفنا قبلك الف الف ، وسنعرف بعدك الف الف ، نتقن النواح وضرب الهواء بالقبضات ، والنسيان كذلك نتقنه ، سنختار لك زاوية تليق بحجم ألمك على حائط مهجور ، وستظل هناك حتى موسم المطر القادم اذا ما غادرت الشقاوة اطفالها ، لا تقلق علينا سنظل نعلم الحرباء فن التماهي ، لا تقلق سنرث الارض لان الشجعان يموتون على المشانق والجبناء يظلون وحدهم ليرثوا الارض .

ستظل اسئلة الشيخ امام تقرع رأسي وان اجدك لها مجيب

يمكن صرخ من الالم من لسعة النار بالحشى ؟

يمكن ضحك او ابتسم او ارتعش او انتشى ؟

يمكن لفظ اخر نفس كلمة وداع لاجل الجياع ؟

يمكن وصية للي حاضنين القضية بالصراع ؟

ادعوا لصلاح الزغير بالشفاء

باسل الاعرج



[1] اسطورة اغريقية ان اله سرق شعلة النار المقدسة واعطاها للبشر فغضب منه زيوس ووضعه على جبل وحمله صخرة وجعل النسر المقدس يأكل كبده وكلما انتهى كبده نما له كبد اخر
[2] الجبل الذي حوصر فيه سبارتاكوس
[3] بيت لحم والخليل
[4] عبد قام بثورة على روما اطلق عليها ثورة العبيد
[5] القائد الذي هزم العبيد
[6] اسطورة عربية عن الالهة اللات التي وضعت ابنها ايل فترك جبل الربة فبحثت عنه ولم تسطتع ان تصله فبكت حتى صنعت البحر الاحمر من دموعها وكانت هي في جدة وكان ايل في ام الرشراش ولم تستطع ان تصله لذلك سميت العقبة بهذا الاسم
[7] قصة عن اميرة مات زوجها فاراد البعض ان يتزوجها فرفضت الزواج حتى تخيط ثوبا ، فكانت تخيط نهارا وتتلف ما اخاطت ليلا حتى ماتت ولم تنهي خياطة الثوب