الأربعاء، 26 سبتمبر 2012


قرية بيت جبرين

عندما دخلت القوات المصرية فلسطين، في المراحل الأولى من الحرب، أُعطيت الكتيبة الأولى في الجيش المصري الأوامر لكي تتخذ مواقع لها في بيت جبرين (الواقعة على خطوط الجبهة الفاصلة بين القوات الإسرائيلية والقوات المصرية) في النصف الثاني من أيار/مايو 1948. وورد في صحيفة ((نيويورك تايمز))، في أوائل أيار/مايو، أن آلافاً من سكان يافا نزحوا إلى منطقة الخليل، و((سكن كثيرون منهم الكهوف التاريخية لبيت جبرين، شمالي غربي الخليل)). 
وتشير المصادر الإسرائيلية إلى أن احتلال بيت جبرين تم في الطور الأخير من عملية يوآف. وعلى الرغم من أن عملية يوآف جرت، بصورة رئيسية، في المنطقة الساحلية الجنوبية (حيث نجحت القوات الإسرائيلية أخيراً في احتلال المجدل وإسدود)، فإنها اشتملت أيضاً على هجوم شنّه لواء غفعاتي في منطقة تلال الخليل. علاوة على ذلك، جرى التنسيق بين عملية يوآف وعملية ههار، بعد 18 تشرين الأول/أكتوبر، وكان الهجوم في الجزء الجنوبي من ممر القدس. وكانت العمليتان بقيادة يغال آلون، ((الذي لم يترك وراءه في حملاته السابقة أية مجموعة مدنية عربية))، بحسب ما ذكر المؤرخ الإسرائيلي بِني موريس. 
أُوكل إلى لواء غفعاتي، خلال عملية يوآف، مهمة التقدم شمالاً وشرقاً صوب الخليل، بينما كانت قوات إسرائيلية أُخرى تندفع في اتجاه الجنوب الشرقي نحو غزة والنقب. ويذكر موريس أن بيت جبرين قُصفت بعنف في بداية عملية يوآف، في 15-16 تشرين الأول/أكتوبر، أن ((بيت جبرين أُضيفت إلى الأهداف المألوفة للقوة الجوية الإسرائيلية، أول مرة الليلة الماضية [18 تشرين الأول/أكتروبر]، وأنها قصفت مرة أخرى في الأيام القليلة اللاحقة. وقد أدت هذه الهجمات، بالإضافة إلى غارة ليلية تمهيدية، إلى ما يسميه بِني موريس ((الفرار ذعراً)) من القرية. 
ونشرت صحيفة ((نيويورك تايمز)) تعليقات لناطق عسكري إسرائيلي على أهداف العملية، إجمالاً، قال فيها أنه لم يكن في نية الجيش الإسرائيلي أن يستولي على معاقل الجيش المصري في المنطقة، لكن ((في أثناء تنفيذ عمليات قطع الطرق ضعفت قوة بعض المواقع [المصرية]، بحيث بدا من البديهي الاستيلاء عليها)). 
اُحتل بعض القرى، مثل دير الدبّان (نحو 6 كلم إلى الشمال) في أثناء الاندفاع صوب الشمال في 23-24 تشرين الأول/أكتوبر 1948. ويشير موريس إلى هجوم أولي على بيت جبرين ليل 24 تشرين الأول/أكتوبر 1948، لكنه يذكر أن احتلالها لم يتم إلاّ في 27 من الشهر نفسه. أمّا ((تاريخ الهاغاناه)) فيؤرخ الهجوم الأولي في 26 تشرين الأول/أكتوبر، ويؤكد أن القرية احتُلت في اليوم التالي. 
عندما تم احتلال بيت جبرين نهائياً، اعتبر الإسرائيليون أن السيطرة عليها تشكل تقدماً عسكرياً مهماً على الجبهة الجنوبية. كما أن باحتلالها أحكم تطويق ((جيب الفالوجة)). 
بعد أن اكتمل معظم عملية يوآف، تابع بعض الوحدات الإسرائيلية التقدم نحو الشرق في منطقة الخليل. وفي 30 تشرين الأول/أكتوبر، أفاد مراسل صحيفة ((نيويورك تايمز)) أن ((الدوريات الإسرائيلية وجدت عدة قرى في النقب الشمالي، بين بيت جبرين والخليل، خالية فاحتلتها)). وي قضاء غزة، نهبت وحدات إسرائيلية مدينة المجدل وبعض القرى التابعة لها، في 4-5 تشرين الثاني/نوفمبر 1948؛ وهذا الهجوم الأخير سبقته غارات جوية على امتداد المنطقة الساحلية الجنوبية. 
والظاهر أن القرية لم تدمِّر إبان احتلالها، أو أنها على الأقل- لم تدمر فور احتلالها. ويذكر بِني موريس حالة بيت جبرين، من خلال وصفة موقف رئيس الحكومة الإسرائيلية، دافيد بن غوريون، من تدمير القرى، فيقول: ((يبدو بن غوريون في يومياته، أحياناً، أنه يحاول متعمداً تضليل مؤرخي المستقبل. فمن ذلك أنه، في 27 تشرين الأول/ أكتوبر... وجد الوقت كي يدون فيه ما يلي: "دخل جيشنا هذه الليلة بيت جبرين... يغال ألون [قائد الجبهة الجنوبية] طلب الإذن في نسف بعض المنازل، فأجبت بالرفض".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق