الاثنين، 8 ديسمبر 2014

أغصان البرغوثي...أو تمرّد الصمت والانتظار الشَّجيّ عند أفق مضئ!


بقلم: نصار إبراهيم



لكي تدرك أعماق الجمال عليك أن تحمل روحك بعيدا... بعيدا... بعيدا حتى تصل إلى تلك المساحات الملتبسة بين حدود الواقع والحقيقة والحلم والخيال!
أجمل ما فيها صعود الجمال من أعماقها ليفيض على ما حولها... أغصان محرم البرغوثي... فتاة فلسطينية صارمة مع ذاتها وروحها وجمالها... رشيقة كشتلة خيزران... مسكونة بالصمت والعبارات الموجزة وبخافية الأنثى كبادئة التاريخ... وكأني بها قادمة تحمل حزمة قمح من بلاد ما بين النهرين... أو تحمل أبجدية البقاء على لوح صلصال كنعاني  وتنحدر جنوبا جنوبا عبر الساحل السوري نحو فلسطين..
كالاسم يحمل معناه "أغصان"، ابنة الأرض والتماثل مع الذات... خروج على النَّصِ بما يخلق نَصّا جديدا... الراقصة الأنيقة؛ تنهض،  تصعد، تدور، تحلق كفراشة بهية فتتجاوز حدود جناحيها الرهيفين... عيون وابتسامة تلقائيتان... بلا مجاملة... هما هكذا بالفطرة والتكوين... اليد تمتد بدلالة صوفية وكأنها تتهيأ لاستقبال زخة المطر الأولى...فيما المنديل ينهدل بأناقة زهر الرّمان... ويمضي نحو الأرض ليحكي لها شيئا.
وفي لحظة انسجام مطلقة، نبحث عن "أغصان" فنجدها وقد التبست مع تكوينات الأرض وقوفا، فتأتي مع الضوء... مشرعة على السكون... صاعدة من أعماق المكان ... وقرطان يعانقان المدى البعيد القريب... ليست مشغولة بملامح الوجه أو الجسد... فقط جلال الغموض والانتظار الذي يلوح عند أفق فلسطيني ملتبس فلا تدري هل هو لحظة شروق أم لحظة مغيب...!
تقول بلا كلمات...فقط يداهمك شَجَنُ الصمت... لا تقول شيئا، فأي كلمة إضافية ستفسد بهاءالحضور والمشهد والمعنى...
وفي السكون والصمت نكتشف  تجليات الحياة تضج في دواخل فتاة فلسطينية تتوحد مع  أفق لا زال يقاوم كي يكون مضيئا كما يريد... فهل كانت "أغصان" تهمس  ببعض أسرار جمال الأنثى وتمردها عندما ترقص أو تصمت، تقول:
 انتبهوا فأنا أتجاوز الحدود... فتجاوزوا أنتم أيضا حدودكم المغلقة... قفوا بجانبي... لتروا ما أرى، قفوا بصمت ولو لمرة واحدة...واستمعوا لنبض الكون... فأنا فتاة تعانق ذاتها وآمالها وتنتظر عصفور الشمس الفلسطيني...ولن أمل الانتظار... فحتما سيأتي يوما ذات ربيع...حتما سيأتي وسأنتظر!.
 تأملوا جيدا فقد أكون أيضا فتاة إفريقية تراقب أفقها المبهج، تستمع  وتحلم على إيقاع طبول المحاربين وهي قادمة من أعماق غابات إفريقيا البعيدة... وقد أكون فتاة هندية حمراء تودع حصانا حرا يندفع مع الغروب نحو السهوب والبراري.. وقد أكون فتاة أمريكية لاتينية  تغازل شمس الأمازون... وقد أكون... وقد أكون أي فتاة تنتظر عصفورا يحمل بشرى سعيدة... بعدها سأستدير نحو الأفق، وحينها سيضئ وجهي... وحتى ذلك الحين سأرقص حينا وأصمت عند الشروق وعند المغيب حينا...فنهوض الشمس فجرا أو رحيلها مساء هي لحظات صمت ورقص وانتظار...


هذه هي هي "أغصان" وهكذا أراها؛ وستبقى هكذا يغازل قرطاها الأفق المضئ ببهجة الأحلام والوعود والأيام القادمة...
 كم هو جميل حضورك الشَّجيّ مع الأفق المضئ ياأغصان... فانتظري ما شئت يا عزيزتي؛ فسيأتي الوعد يوما ذات ربيع ليضئ الوجه ويغطي مساحة الكون... وسننتظر!





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق