الثلاثاء، 10 مارس 2015

في ذكرى الشهداء
الشهيد ساجي درويش ترجل الفارس 

شقيقة الشهيد ساجي درويش / ليالي درويش 
اذا كنتُ اكتب الان وأنت تقرأ فأعلم أني صدقتهم، لا تغضب مني فكل شيء يحصل رغماً عني، أنتظرتك تأتيني مبتسماً لتُكذب ابتسامتك كل ما قالوه ولكنك لم تأتي بعد ولم أراك، سأكتب الان وإذا ما جئتني حلماً سأمزق كل هذا الهراء وأحضنك طويلاً، أنا أحبك كثيراً..أنت تعلم ذلك؟
هراءٌ أن أكتب لك، الحروف سخيفة وغريبة، ماذا تفعل اللغة امام المشاعر؟ لا شيء! ماذا يعني حرف القاف اذا كتبت لك "اشتقت لك"؟ لا شيء! ماذا يعني ان أبدل كلمة مكان اخرى لتشبهك أكثر؟ لا شيء!
كافرةٌ هي اللغة لا تعرف كيف تقول شيئاً صغيراً جداً مما في القلب!
وكأني مشوشة! كلماتي ثقيلة حين أكتبها وإذا قرأتها مجددا لا أحبها وأشعرها تسري بروحي ببطء وتتلاشى قبل ان تصلك! هل تقرأ معي أم أنك مشغول في شيء ما؟




غريبٌ هو الموت يا أخي! كيف يكون لهذا الكائن البشع كل هذا الذوق الرفيع في اختيار ضيوفه؟ عندما اخبروني أنه أختارك -وهم كاذبون- قلت لا..ساجي أجمل من أن يرحل مبكراً! وكلما حاولت أن اقنع نفسي بما قالوه مرغمةً، أتسأل: هل كنت أجمل من أن تظل طويلاً في هذا العالم البشع؟ ولذلك رحلت؟ انا أحبك كثيراً..أنت تعلم ذلك؟
في هذه الايام أنا لا أستطيع أن أقول اسمك الذي طالما أحببت؟ أجده يُبكيني قبل أن ألفظه وأختنق به وبك وبذكرياتنا، ولكني كتبته الان، هل هذا صحيح؟ رأيت يا أخي كيف أن هذه اللغة كافرة لا تدرك شيئاً من أرواحنا ولا تفهم أوجاعنا مهما حاولت؟
أنت تعرف أنك مدينٌ لي بوقتٍ نقضيه معاً! هذا دينٌ لا أسامحك فيه، لي نصيبٌ من كل شيء فيك لم أخذه بعد. شيءٌ منك لم يكتمل بداخلي وروحي تطلبه وأنت لا تجيب..لماذا؟ هل أنت غاضبٌ مني لآني لم أودعك عندما سافرت؟ لقد قلتُ لك أن روحي لا تقوى على وداعك، وكنت سأعوضك بالكثير من الأحضان والقُبل والضحكات عندما ألقاك! أمّا أنت فقد ألغيت لقاءنا الذي كنت انتظره! عاتبة عليك كثيراً وعاتبة على الله قليلاً، الله يعلم ما كنتُ أنوي ويعلم ما كنتَ تنوي ويعلم ان أشهرا بيننا فلماذا لم يجعلها تتلاشى لنكون معاً! لماذا؟
الجو باردٌ هنا المطر يضرب الارض ويبللها بشدة وأنا خائفة أن يصلك شيءٌ من هذا المطر وتبرد، هل أنت دافىءٌ حيث أنت؟ هل المكان مريح؟ هل هو مظلمٌ أم منير؟ ربما كان مظلماً قبل أن تسكنه أنت وعندما جئت جلبت النور، أعني أن لك ابتسامة تجلب كل شيء فلن يصعب عليها أن تجلب نوراً لمكان مظلم، ولكنك سلبت النور من روحي عندما رحلت، ليس مهماً ما أشعر به أنا، المهم أنت، هل أنت بخيرٍ حيث انت؟
أنت تعرف أن لا عزاء في غيابك ولا شيء يستطيع أن يختصر الالم، ومهما كان الموت الذي خطفك عظيماً تظل هذه الحياة الغبية وأيامها البسيطة أحب الى قلبي اذا كنت أنت فيها، أرى نفسي أنانية وذاتي تحاصرني بحيث لا أفكر إلا بما أريد أنا، ولكن أنت، ماذا تريد؟ كنت تريد ذلك أنا أعلم وكنت شجاعاً بما يكفي لتفعله أعلم ذلك أيضاً. ولكن كل شيءٍ كان سريعاً وأنا لم أكن عندك وهذا يوجعني ويجعلني عالقةً في لحظة كنا فيها معاً نضحك وأريدها أن تكون هي الوحيدة والأخيرة بحيث يكون موتك كذبة، أنت تفهمني أليس كذلك؟
قالوا لي أني اذا رأيت صور -موتك- وقرأت الكلمات سأكون أفضل، قالوا أنك كنت مبتسماً وأنت ترحل، هل هذا صحيح؟ قالوا أنك خلقت وطناً جديداً في قلب كل من رأك وودعك، وقالوا ان كل شيءٍ كان عظيماً وكبيراً، أنا لا يهمني ذلك وانت أيضاً لا يهمك، لقد كنت عظيما في الخفاء خجولاً في العلن لا تتحدث عن أشياء رائعة تفعلها، وعندما كنا نعرف عنها من غيرك ونسألك أن تحدثنا عنها كنت تبتسم وتغير الموضوع وتقول ان لا شيء مهم. أنت لا تحب الضجيج ولا المديح كنت تراهما سواء، أنت هادىءٌ.. أنت ساجي!
أنت مدينٌ لي ولنا ولأمي بالوقت، ونحن مدينون لك بكل شيء! لك نصيبٌ من كل شيءٍ سيأتي، من ضحكاتنا ومن صورنا ومن الطعام الذي تحب، كيف نوفيك ذلك؟ كيف نعطيك نصيبك من الأشياء؟ هل سنترك لك طبقاً على الطاولة؟ أم سنتعطر بعطرك قبل أن نأخذ صورة؟ أم سنحدثك في جلساتنا ونناديك كأنك لم ترحل يوما!
أقتربتُ من النهاية وأنت لم تقل شيئاً بعد، هل هم صادقون إذاً؟ أم أنك مشغول؟ أو أن ما كتبتُ غير مفهوم؟ نعم كلماتي غريبةٌ اليوم، سأكتب لك ثانيةً اذا ولكن الأحرف أثقلت روحي الأن وتعبت. أنا أحبك كثيراً..أريدك أن لا تنسى ذلك كل يوم لا نرى بعضنا فيه، وعندما أراك سأخبرك بذلك وأنا احضنك للأبد!
 ليالي درويش / شقيقة الشهيد 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق