الأحد، 19 مايو 2013


هنا المخيم `.......



المخيم ذلك المجهول الذي مشى إليه الفلسطيني بقدميّه مرغما، إبّان جرح النكبة سنة 48، بعدما كان ملّاكا وصاحب عزوة ومال، هذا المخيم تحول في فترة وجيزة إلى صورة وطن ومنفى، وبداية انطلاقة لنضاله طيلة العقود الماضية ضد العدو الصهيوني، ومسرحا لأحلامه المسروقة ضمن بقعة أرض صغيرة لا تتجاوز الكيلومترات.



للمخيم في الذاكرة الفلسطينية دلالات تحمل الكثير من الألم والتشرد والنزوح، هذه الحالة التي عاشها الفلسطيني في بداية هجرته والتي استمرت معه منذ أيام الخيم التي عاشها في بيوت الصفيح، فكان حرها يأكل من جسده صيفا ويقرصه بردها شتاء، إلى المخيم في شكله الحالي وألوف القصص المأساوية التي ترافق نموه وتطوره.
أخذ المخيم عند معين بسيسو شكلا من أشكال الحزن والغربة التي تقتله بصمتها، فالبقية الباقية من شعبه ومن بلده تمتزج ما بين البكاء والجنون، وأكياس" الخيش" التي يسكن فيها أهله وجيرانه، فيعلو صوت الشاعر مدويا بوجه من جاء يسأل عن أطفال شعبه وهو السبب في نكبتهم. كما يظهر في هذا المقطع الشعري صورة الخيام بشكلها الأول" الخيش" والتي كانت السكن الأول للاجئ فيقف باكيا على أطلال هذه الخيمة، حاله حال الشعب الباكي فيها.



تلك البقية من شعبي ومن بلـــدي ما بيــن باك ومجنـون ومرتعـد
تلك البقية من شعبي فذاك أبــــي وتلك أمي وما في الخيش من أحـد
إن جئت تسأل عن أطفالها صرخـت وقهقه السيل لم تحبل ولم تـلــد
يا من نصبت لهم سود الخيام علـى صفر الرمال لقد غاصت إلى الأبـد
ألست جلادهم فاربط غريقـــهـم واسحبه خلفك بالأمراس والــزرد
واترك لأطفاله آثار جــثــتـــه دما توهــج فوق الرمل والـزبـد

الخميس، 16 مايو 2013


يوميات السجون

السجون الاسرائيلية 

يوميات السجون (1)
الساعة الخامسة والنصف صباحا قسم 10 في" ايشل" سجن بئر السبع الصحراوي,هدوء وسكون وصمت قاتل يسود القسم المكون من 18 غرفة متقابلات وفيها 120 اسير وفي هذه اللحظات من الصباح بالذات لا يسمع سوى صوت بعض الانين من زوايا الغرف تعلو حينا وتختفي حينا اخر ليكسر صوت الانين صوت اقدام الجنود يدخلون القسم وقرع مفاتيح السجان وهي تنبه الاسرى بان مفتاح الحرية اصبح معلق على مؤخرة جندي قادم من اوكرانيا وليس كما كنا نتعلم ان مفاتيح حرية الاسرى معلقة على اخمص بندقية فدائي في ازقة المخيم,



يوميات السجون ((2)
الساعة السادسة صباحا يبدأ الطرق على ابواب الغرف وصراخ الجنود بلكنة عبرية روسية عربية متشابكة وهم يقولون "عدد..عدد
هذه الكلمة اصبحت اشد قوة من صفارات الانذار ,فينتفض جسد الاسير وينهض من نومه مسرعا ولا اراديا ويقف لينتظر دخول الجنود ليقوموا بالعدد,وليس المهم هو العدد بل الاهمية لدى" الجنود النيندرتاليين" اخضاع الاسرى لتعليمات مصلجة السجون  باعتبارهم سجناء امنيين لا حقوق لهم و ازعاج الاسرى وقطع احلامهم فهم  يعلمون اننا داخل الغرف نعيش على مقولة "أذا رأيت أسيرا نائما فلا تبهه ,,,لعله يحلم بحريته,,,أما اذا اردت ان تنبهه فحدثه عن الحرية .



يوميات السجون (3)
نعود الى النوم لنكمل حلم الحرية ثم ننهض من النوم لنمارس معركة البقاء, ونعود الى النوم ....فقد احترفنا هذه اللعبة . فدائما انت داخل السجن في زمن الاشتباك تعيش بين رصاصتين ...واذا شعرت في الامان لحظة واحدة فاعلم انك على خطأ ..
داخل السجن هناك عالم وحياة مختلفة وهناك ممازسة للنضال من نوع اخر ويجب ان تنام وانت متيقظ
خوفا من ان يطرق الباب بدل السجان فدائيا بكوفية يريد ان يقتلع الباب للحرية


يوميات السجون( 4)
ما أن نسرق لحظات قليلة من الهدوء / حتى يعود الطرق على الأبواب......
 أنه اقتحام تفتيشي جديد لجنود القوات الخاصة  الذي سرعان ما يتحول إلى " قمعة " جديدة.  
 ثواني قليلة أمامنا : كل منا له مهمته المحددة سلفاً :  أحدهم سيكون الساحر الذي سيخفي كل  الأشياء  الممنوع  اقتنائها ، البلوزة  الزرقاء ، صورة  الأخت المعلقة،  وقطعه السلك والمسمار . وآخرون  لتعطيل الهجوم ثواني معدودة تمكن أبو أحمد المريض من أخذ مكانه.  
 انا كمبتدأ في السجون كانت مهمتي الحفاظ على المسمار"متعدد الاستخدامات"، هذا الرفيق القديم الذي وصل عندنا، وسكن معنا وبيننا، وأصبح  عنصراً حيوياً في حياتنا اليومية.
مهند العزة


الأحد، 31 مارس 2013


فلسطين التي رأيتها بعيون أغصان البرغوثي


لدي إعتقاد جازم ( لا يستند على أي حقيقة علمية) أن درجة تركيز الإنسان تكون أعلى عند الأحداث غير المرغوبة بالنسبة له و ربما هو أمر يخصني وحدي؛ أدلل لنفسي بذلك عبر الذكريات التي أحملها من طفولتي فأنا لا أستطيع أن انسى من كان يمارس الجلد من المعلمين، أتذكر جيداً طابور الصباح الذي لم يرق لي يوماً، أتذكر جيداً أناشيد الحرب المقيتة التي كنا مجبورين على التغني بها كل صباح، أذكرالصف و الإنتباه.
 أذكر فيما أذكر من طفولتي ايضاً تلك القصيدة:
“انا من يافا انا من صفد… سرقوا وطني…. وطني المحتل فلسطين.. “

 لا أنسى أنني تعرضت للزجر عندما سألت الأستاذ: ( لكن يا أستاذ انا و طني السودان ما فلسطين!) عندها هاج و ماج الرجل الذي إعتبر إعتراضي “قلة أدب” و عدم إحترام للحصة؛ حفظت القصيدة عن ظهر قلب متبعة منهاج (مجبر أخاك لا بطل).
أذكر من أناشيد الصباح على سبيل المثال:
“في حماك ربنا.. في سبيل ديننا.. لا يروعنا الفناء… فتولى نصرنا”
ناهيك عما كانت ابواق المذياع و التلفزيون تعج به من اناشيد و هتافات مثل:
امريكيا روسيا قد دنا عذابها”
“خيبر خيبر يا يهود جيش محمد بدأ يعود”
فمثلاً بما ان الهتاف كان له علاقة بخيبر و اليهود فساحة المعركة في خيالي أنذاك كانت صحراء قاصية محاطة بأشجار النخيل، و جيش محمد ( الذي بدأ يعود) و اليهود يتعاركون مستخدمين السيوف و الخناجر و الدماء تكسو تلك الاراضي.
ببساطة كانت ذاكرة طفولتي ( وطفولة من في جيلي) أقل ما يقال عنها أنها “دموية” فمحمول الأغاني و الهتفات التي يتعرض لها الطفل من أمثالنا في المدارس، الشوارع و حتى المنازل معباً بالكراهية، الدماء، و كل ما للحروب من محمول.
من ضمن الحملات الفاشلة للحكومة السودانية ( مع” الجهاد” في الجنوب، الحرب ضد غير المسلمين، غير “العرب” ) فشلت أيضاً حملات الحكومة السودانية للتضامن مع الشعب الفلسطيني فقد تم إفراغ هذا التضامن من معناه و مضمونه، لا أنكر أنني طفلة فجعت و بكيت عندما شاهدت كيف قتل محمد الدره
ولكن…. بكيت أكثر عندما علمت أن ببلادي مئات الألاف من محمد الدره الذين يموتون بصمت. تتضامن حكومتنا مع محمد الدرة و تقتل الألاف من محمد الدره هنا في بلادنا!
فقدت معاني التضامن ببساطة لأن البوق الرئيسي لهذا التضامن في بلادي كانت\وما زالت حكومة تقتل الملايين من مواطنيها، تغتصب مئات الألاف من نسائها، تشرد ملايين الأسر، تحرق القرى و ترمي معارضيها في بيوت الأشباح عندما لا تقتلهم. ببساطة كنت أخجل من أن أتضامن مع ذات الشعب الذي يتضامن معه قاتل مثل البشير و انا أراه يغدق على حركة حماس بملايين الدولارات لأنها (حركة عربة إسلامية)  و السودانيين يموتون بسوء التغذية هنا و هناك. سبب أخر أنني كرهت العرب و العروبة التي بإسمها تحشد الجبهة الإسلامية\ المؤتمر الوطني الحاكم الشباب لقتل جيرانهم و أهلهم بدعاوى النقاء العرقي الساذجة. 
كبرت و ما زلت ككثيرين من حولي أستبطن عدم تعاطفي مع الشعب الفلسطيني…
حالي و كثير من الناشطين السودانيين من جيلي نشطاط غضباً و نحن نقراْ أخبار الإنتهاكات الفظيعة لحقوق الإنسان في كل العالم، تراني أتابع المواقع الإكترونية التي تنشر التقارير عن ما يحدث في العالم بقاراته الخمس، لكني لا أتذكر يوماًَ أنني تابعت ما يحدث بفلسطين، حتى أنني كنت أقوم بتغيير قنوات التلفزيون عندما تاتي الأخبار من فلسطين.
إلى أن قابلتها…
قرطيها قطعتي عملة فلسطينية، و اضحة المعالم و الصوت، تحمل في قلبها خريطة بلاد تمتد من البحر إلى النهر لا تقبل أن تنقص منها شبراً.

تعرف نفسها بأنها: أغصان البرغوثي.. من فلسطين المحتلة… بلادي تم إحتلالها من قِبل ما يعرف الأن ” بإسرائيل” في العام 1948 ، تراها تصر على العام 48 . مقاومة عنيده و شجاعة!
راقصة في إحدى الفرق الشعبية، فالرقص في حد ذاته فعل مقاومة، مقاومة محاولات محو تاريخ أمة.



عندما تحدثك عن الأزمة الفلسطينية، ترى بوضوح أن لها صوتاً مختلف، فهي تعي تماماً اثار الإحتلال الإسرائيلي و لكن في ذات الوقت تسطيع تحليل مشاكل السلطة الفلسطينية، تستطيع التعبير عن إحباطات جيلها من سياسيين تهافتو على السلطة حتى لو كان الثمن مبايعة المحتل من يستلب كل ما يملك شعبهم يومياً.
أغصان تحكي عن إحباطات جيل كامل ليس في فلسطين وحدها بل في دول كثيرة، إحباطات أشاركها فيها، ببساطة لأنه و رغم إختلاف الممثلين ظل السناريو متقارباً في كلا بلدينا، تختلف الفظائع، فلا إغتصاب لديهم و لا حبس لفترات تتجاوز الثلاثين عاماً لسياسيين لدينا.
تعرفت عبر أغصان على مجموعة من الشابات و الشباب في تلك المدينة ذات الطقس البارد (مناخياً و عاطفياً)، كان الإحتفال يومها بوداع إحدى الشابات الفلسطينيات التي تغادر المدينة، إقترح أحد الحضور حينها أن يعبر أي من الحاضرين عن مشاعره تجاه المُوَدّعْة: “نحن ننعي الناس عندما يموتون لكني أعتقد انهم يحتاجون لسماع رأينا فهم و هم أحياء” هكذا قد إقتراحه، بدى الأمر في غاية اللطافة في بادئ الامر يحمل الكثير من الفكاهة و القصص الطريفة؛ إلى أن بدأت إحدى الحاضرات بأخذ فرصتها في الحديث،  أنقل من حديثها الأتي :
( أتذكر أول مره التقينا فيها كانت قبل إسبوع من مغادرة كلتينا إلى فلسطين لأول مره في حياتنا، فأنا و أنتِ لم نرى “الوطن” قط، إتفقنا أن نلتقي في “الوطن”،……….. و أذكر أننا قد إلتقينا بعدها بأسابيع هنا في هذه المدينة حيث أن كلتينا منعتا من دخول “الوطن” و تم إرجاعنا، انا من مطار تل أبيب و أنتِ من الحدود مع الأردن)
كلتا الشابتين تحملان جوازات سفر دولة ذات علاقات راسخة مع إسرائيل، عملياً هن مواطنات تلك الدول لا فلسطين، بل إحداهن لم يحدث أن حصلت على أي “هوية” فلسطينية، منعتا لأن أسرتيهما من اللاجئين. نعم! فبطرد هذه الأسر من فلسطين تمنع من دخول هذا المدعو “الوطن” حتى و إن حصلوا على وثائق سفر و جنسيات أجنبية، يزيد الأمر تعقيداً إذا نشط أفراد الأسرة في حملات “مقاطعة إسرائل”
أبكتني تلك القصة الليل بطوله، أبكت هذه الشابة جميع الحضور.
تلك الليلة خلقت تحولاً كبيراً في حياتي، تحولاً جعلني أقرأ بنهم عن تلك البلد، أتابع الأخبار و أطالع المواقع الإلكترونية. أغصان و صديقاتها\أصدقائها خلقوا هذا التحول في حياتي.
أكتب هذه التدوينة لأعبر لها عن حبي و تقديري فقد رأيت فلسطين بعيونها و تعلمت الكثير منها و كم هو جميل أن تقابل شخصيات تغير طريقة تفكيرك، فهذا الأثر هو ما يخلفه الإنسان في ذاكرة من يقابلهم.

الثلاثاء، 12 مارس 2013

هنا المخيم

هنا المخيم ...يوم من ايام المخيم
ملحمة يومية روتينية ..واشتباك مستمر... لا وقت لاستراحة المقاتل الا في ظل مدرعة .....
المخيم موقع مصمم ضمن مخطط هندسي معقد ومتطور لا يمكن ان يفك رموزه .. كخارطة صماء بلا مفتاح ....
وهوا ايضا التقاء الموت بالاحلام ...وألم متواصل ..وحلم لا ينتهي نحو عودة 

الثلاثاء، 26 فبراير 2013

عبيد القرن الحادي والعشرين




عبيد القرن الحادي والعشرين 

بقلم: مهند العزة
وأرعد بصوتك يا عبيد الأرض هبّوا للقتال 
يا أيها الموتى أفيقوا إنّ عهد الموت زال 
نحن الآن في القرن الحادي والعشرين فهل يعقل أن يكون هناك استعباد؟؟؟ وعبيد؟؟ وعمل ٌ بالسخرة (أي مقابل الطعام)؟؟؟ 
نعم، فهذا مصيرُ أكثر من 300 شخص قد هربوا من دولهم نتيجة الفقر والظلم والاضطهاد والبطالة، 300 شخص تجمعوا في سجن النقب (أنصار3) من دول مختلفة وهي: إثيوبيا، نيجيريا، اريتريا، والجزء الأكبر من السودان وبالأخص من دارفور، وذلك طلبا ً منهم لإيجاد حياة أفضل ونتيجة الوضع البائس في جنوب أفريقيا. 

حيث وجدوا أنفسهم يعبرون الحدود نحو مصر لقربها من السودان جغرافيا ً، وذلك طلبا ً للحياة الكريمة، وعندما قوبلوا بإهمال ونبذ من قبل الجمهورية المصرية، حيث عاشوا هناك في الشوارع والحدائق العامة وبدون مأوى، لم تبق من خيارات أمامهم سوى التوجه إلى إسرائيل عن طريق صحراء سيناء، حيث قدموا على شكل مجموعات صغيرة ودخلوا بطرق لسرية إلى إسرائيل، وقد اختلفت طرق وصولهم، فبعضهم قد دفع أموالا ً مقابل نقله ومبالغ تصل إلى 5000 دولار فما فوق وذلك بعقد اتفاق مع مهرب لإدخالهم ونقلهم عبر الصحراء، وقد أقنع المهربون البعض منهم أنه سوف يوصلهم إلى أمريكا للعمل هناك والبعض تم إقناعهم بأنه سوف يصل إلى مكتب لوكالة الغوث وفيها يتم طلب اللجوء السياسي، فكانوا يعبرون الصحراء في رحلة الموت. 

ثم يتوجهون نحو ما يرى من الأضواء، وبما أن الصحراء هي من الجانب المسيطر عليه (حرس الحدود الإسرائيلي) وهي منطقة عسكرية تستغل للتجارب والعمل العسكري، فيتم الإمساك بهم بسهولة، ومن يحالفه الحظ يكمل طريقه ليجد نفسه على أبواب سجن النقب ليتم احتجازهم داخل السجن، حيث عاشوا في البداية بين أقسام الأسرى الأمنيين ومن ثم تم إدخالهم إلى الأقسام بين الأسرى الفلسطينيين الذين يبلغ عددهم 2200 أسير داخل النقب، وبعد أن زاد عددهم ليصل إلى أكثر من 300، تم سحبهم من قبل إدارة السجن ووضعهم في أقسام لوحدهم، ويتم استغلالهم في العمل والتنظيفات وغسيل السيارات التابعة لضباط الإدارة وتنظيف المكاتب والشوارع ما بين أقسام السجن وتنظيف المطابخ ونقل النينجا (حاويات النفايات) من الأقسام ومن ثم العمل في البناء والسياج وكل ذلك مقابل قوت يومهم والدخان فقط، ويعيشون داخل خيم بأوضاع سيئة لا تصلح للحياة البشرية، حيث كان الفلسطينيون يرسلون لهم الدخان والملابس في حال توفر ذلك، وكانوا يأكلون من مطبخ الأسرى الفلسطينيين إلى أن أخذت إدارة السجن المطبخ وأصبح في أيدي المدنيين، وقد تطور الوضع لديهم ليتم توزيعهم على السجون الإسرائيلية للعمل في النظافة والخدمات مثل سجن الرملة ونفحة والنقب والسبع وأصبحوا يأخذون معاشا يتراوح مابين 200 إلى 300 شيكل شهريا ً،ونستطيع أن نقسمهم إلى ثلاثة أقسام : 


أولا: جزء منهم عربي ومن المثقفين وحملة الشهادات يطالبون بإخراجهم من السجون وإعادتهم إلى بلادهم، ويرفضون البقاء هنا، ويطالبون بمحاكمتهم إذا لزم الأمر .
ثانيا ً: جزء أصبح يعمل في \" الكيبوتسات\" خارج السجن وهؤلاء يتقاضون أجورا ً شهرية تتراوح ما بين 600 شيكل و 1000 شيكل ويريدون الاستمرار في العمل داخل \"الكيبوتسات \".
ثالثا ً: جزء يريدون أن يصبحوا يهود \"وهم الأخطر\" حيث يتم تعليمهم وتربيتهم عن طريق عملية غسيل دماغ، يزورهم حاخامات صهاينة لإقناعهم بالديانة اليهودية والفكر الصهيوني العنصري بالإضافة لتعليمهم اللغة العبرية، ويتم إخراجهم زيارات خارج السجن، حيث ذهبوا في آخر زيارة لهم إلى موقع يسمى \"الكارثة والبطولة\" في القدس وذلك جزء من عملية إقناعهم باليهودية وتشريبهم الأفكار العنصرية المتطرفة، وإقناعهم بحق الصهاينة بأرض فلسطين . 


حتى الآن لا يوجد أي تحرك من قبل دولهم للمطالبة بهم، وقلة من يعرفون عن هؤلاء الناس، مع العلم أن سجن النقب (أنصار3) يحوي ما يقارب أل 2200 أسير فلسطيني في وسط الصحراء وفي ظروف سيئة وقاسية وبين الأسرى الفلسطينيين يوجد بعض الأسرى المصريين الذين يتم زيارتهم من قبل ممثل السفارة المصرية وجزء من المصريين الذين يعيشون في سيناء ويعملون في التهريب، إلا أن هؤلاء الأسرى يعيشون مع الفلسطينيين بعكس الأفارقة والسودانيون، وحتى هذه اللحظة فنحن داخل السجن نرى السودانيون والأفارقة يأتون لينظفوا وينقلوا النفايات من الأقسام ويمنع منعا ً باتا ً الحديث معهم بأي شكل من الأشكال، وهم يعملون من الصباح حتى المساء تحت أشعة الشمس الحارقة ودرجات الحرارة العالية جدا ً، وتحت إشارة بضغط جنود الاحتلال كالعبيد مقابل الطعام فقط .
فماذا ينتظر هؤلاء؟؟ هل سيأتي سبارتاكوس لينقلهم ويحررهم؟؟ أم ما زلنا بحاجة لإسقاط روما مرة أخرى محررة العبيد كما حدث في القرن الخامس الميلادي؟ ... 

*مهند عثمان العزة
سجن النقب الصحراوي ) أنصار3)

الخميس، 6 ديسمبر 2012

امير مخول:في ذكرى فرانز فانون



في ذكرى فرانز فانون وفي يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني
نَستَلهِم من "معذبو الأرض" لإنهاء عذاب فلسطين
أمير مخول*
إحدى السمات البارزة والى حد ما، المهيمنة لدى النخب السياسية والاكاديمية، في استعراض الخطاب الفلسطيني، هي الاكثار من الاستعارة بتجارب جنوب افريقيا وايرلندا، وفيما يخص فلسطيني الـ 48 تضاف اليهما تجربة مقاطعة كويبك في كندا في اشارة الى حقوق "الاقليات".
ومن دون شك، فان التجارب المذكورة هي محورية في حراك الشعوب والحراك العالمي المساند. كما ان تجربة اسقاط نظام الفصل العنصري (الابارتهايد) في جنوب افريقيا تعتبر من ابرز التجارب في العقود الاخيرة ومن اكثرها الهاما للشعوب وبالذات للشعب الفلسطيني. ويعزز هذا المنحى  في كون نظام الابارتهايد كان الحليف الاقرب لاسرائيل.
ان هذه المقارنة هي بحد ذاتها مهمة، وهي مفيدة بقدر ما يحسن الفلسطينيون استخدامها واستخلاص العبر منها في الكفاح الفلسطيني لكن دون التمترس بها والتشبه الى نموذج واحد.
وفي هذه المقالة لا اسعى للخوض في صلب التجارب المذكورة، وانما السعي لادراك ما يقف وراء مسلك النخب الفلسطينية في هذا الصدد مستلهما من فرانس فانون.
هناك ميزة اخرى تتقاطع مع السابقتين وهي انه كلما تعاملنا مع القضية الفلسطينية بشكل مجزأ ومختزل، تزداد الحاجة للتبرير "المنطقي" للاستعانة بالضرورة بتجارب أخرى في تشخيص الحالة الفلسطينية. والميزة المكملة هنا، هي انه كلما تراجع النضال الفلسطيني التحرري الشامل او تجزأ أو تشتت، فانه يتسارع التفتيش عن نماذج عالمية لشعوب اخرى، ويستحوذ هذا المنحى على الجهود، اكثر نسبيا مما يبذل من جهود على استنهاض المشروع الكفاحي التحرري في فلسطين. وان تجارب الشعوب مفيدة بالأساس اذا كان الشعب يناضل ولديه مشروع نضالي هادف يوظف تجربة شعوب اخرى فيه.
في موازاة المناحي المذكورة هناك استثناء شبه كامل وتجاهل للتجارب العربية وتجارب العالم الثالث والمقصود ثورات التحرر الوطني والقومي من الاستعمار في اواسط القرن العشرين الماضي. وما نشهده اليوم ان اهمال هذه النماذج من كفاح الشعوب، يأتي في سياق اهمال وعملية "فك ارتباط" ذهني عند النخب الفلسطينية المذكورة بين النضال الفلسطيني والبعد العربي الاقليمي التحرري والتحريري. وباعتقادي ايضا، ان من يقف وراء هذه الاستعارة والاكثار من "تعلم التجارب" ووراء الخطاب الفلسطيني المشوش ذاتيا والمشوش للاخرين، هو اذعان نخب فلسطينية مهيمنة الى توازن القوى المحلي والعالمي وانعكاساته الحالية في المنطقة كأمر ثابت وليس متغيرا، واعتماد هذا الاذعان كموقف سياسي يكاد يكون مبدئيا وكما لو كان "مشروعا وطنيا". اما مضمونه فهو  عمليا التنازل عن معركة التحرير والتحرر الوطني والقومي لصالح مشروع "دولة" على حساب جوهر الحق الفلسطيني. فلا حديث عن السعي لتغيير توازن القوى بل إخضاع الحق الفلسطيني له.
ان احدى التجليات الرئيسية لهذه الحالة هي التنازل عن التعامل مع القضية الفلسطينية كمسألة ومشروع تحرر وطني من الاستعمار، وقرار النخب المذكورة الامتناع عن تعريف اسرائيل-  كما جوهرها  اي ككيان استعماري استيطاني احتلالي عنصري قائم على التطهير العرقي والنهب، وعمليا هذه هي مجتمعة تشكل المشروع الصهيوني في فلسطين  في حين تستعيض النخب عن ذلك باختزال مفهوم الاحتلال في نتائج عدوان 1967 والتغاضي عن المشروع الاحتلالي الاستعماري الاساسي في فلسطين والذي بلغ ذروته في احتلال 1948 والتطهير العرقي ونكبة الشعب الفلسطيني.
حسب المنطق التجزيئي فان التخلص من احتلال 1967 هو في نهاية المطاف بانسحاب الاحتلال الى حدود الرابع من حزيران ومعه المشروع الاستيطاني. والمقصود هنا انه حتى لو تحقق هذا التحول الهائل، فلن يمس بجوهر اسرائيل الاستعماري الاستيطاني العنصري. كما ان مشروع مكافحة التمييز العنصري الممؤسس في اسرائيل تجاه المواطنين العرب الفلسطينيين، ينعكس في "أحسن الأحوال" بالغائه لكن ضمن النظام القائم. اما التخلص من الاستعمار فهو بتصفية الاستعمار والتحرر الوطني وتحرير الشعب.
هكذا فبالنسبة الى الفلسطينيين فان من يريد ان يلعب او يحصر دوره في حدود الجزء يصبح الجزء كما لوكان هو الكل بالنسبة له، وهذا "الكل" المختزل يصبح منفصلا عن الجوهر-  عن الشعب وحقوق الشعب وعن القضية وجوهرها.
حول اللغة وحدود الموقف
سأكتفي هنا بنموذجين يتعلقان بالخطاب السياسي واللغة ومفردات النخب الفلسطينية، فحين تجري تسمية "جدار الفصل العنصري" او "جدار الابرتهايد" ففي الواقع فأن وصفه بالعنصرية او بالفصل العنصري هو أقل بكثير من هدفه كما حددته "اسرائيل"، وهو "الطف" بما لا يقاس من مدى اجراميته ومعاناة ضحاياه. بل أن إطلاق هذه التسمية عليه فذلك يأتي عوضا عن تسمية "بالجدار الاسرائيلي" مثلا أو  وبمفهوم أشمل "الجدار الصهيوني"، وذلك يعكس التفافا على استحقاقات التسمية والتي تعني نزع شرعية المسمى به اي الصهيونية والمشروع الصهيوني في فلسطين. وجدير التأكيد أن الصهيونية سبق وأُدينت في الامم المتحدة حتى وان لم يعد القرار ساريا.
والمثال الاخر هو ما جرت تسميته "احداث أكتوبر" عوضا عن "انتفاضة القدس والاقصى" او "الانتفاضة الثانية بعد أكتوبر". أن "أحداث أكتوبر هي تسمية اسرائيلية دخيلة على فلسطيني الـ 48 في حين تبنتها نخب اكاديمية وسياسية وقيادية في اوساط هذا الجزء من الشعب الفلسطيني. وهذه مقولة تعني الفصل بين فلسطيني الـ 48 وبين فلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة. أنها عملية تطويع للغة تعبّر عن مسعى لتطويع فلسطيني الـ 48 اسرائيليا ورسم الحدود داخل الشعب الفلسطيني وتشتيته وتشتيت قضيته العادلة وتشتيت انتفاضته التي ولاول مرة منذ العام 1948 تنطلق في كل الوطن الفلسطيني.
إن كلا المسميين المذكورين جرى استخدامهما بشكل وظيفي لتدارك "الحرج" عند البعض في تسمية الاشياء باسمها وبالاساس للحيلولة دون استحقاقات الخطاب غير الالتفافي- وبالذات في مسالة "الشرعية"- سواء شرعية اسرائيل ام شرعية القرار الفلسطيني بعد تغييب منظمة التحرير الفلسطينية واستحواذ السلطة الفلسطينية وليدة اتفاقيات أوسلو الظالمة على القرار الفلسطيني الفعلي. وجدير بي أن أعترف في هذا السياق انني سبق واستخدمت تسمية "الابارتهايد" للدلالة على جوهر اسرائيل،  لكن "أحداث أكتوبر" كان وسيبقى مرفوضا ومهينا للناس-  للشعب ولشهدائه. وفي استخدام تسمية الابرتهايد فان احدى الاشكاليات هي ان الابارتهايد ليس بالضرورة اسوأ من اسرائيل وان الصهيونية اكثر من حصرها في العنصرية والفصل العنصري. إنها تتشابه لكن أيضا تختلف.
"معذبو الأرض" وخطاب فانون "العالم ثالثي"
بروح "معذبو الارض" وما يؤكده فرانز فانون فإن دور "المثقف" والقائد هو ليس الصاق المسميات لاحداث صنعتها الناس في نضالها للتحرر القومي بل هو بنقل روح الجماهير الشعبية الثائرة والمنتفضة الى لغة الكلام والثقافة والخطاب والتحريض والتحرير. بل ان "تقدم الوعي القومي لدى الشعب يبدل ويوضح التعبير الادبي الذي يتولاه المثقف المستعمَر" وعن التحرر القومي يقول "كل شي في هذه المعركة يعتبر سلاحا، سواء كان التمثيل او الوعي او الثقافة، ولا يقتصر الامر على الامكانيات المادية فقط، لان تصفية الاستعمار تعتمد على الكائن البشري" ويضيف: "التحرر بالكفاح لا يزيل الاستعمار فحسب بل يزيل المستعمَر أيضا". ويضيف فانون: "العدو يحاول تخريب الامة" ولذلك فان تصفية الاستعمار تعني انهاء المستعمَر وتحرره. يأتينا فانون بتجربة عربية افريقية في مقاومة الاستعمار والتحرر القومي. وهو يؤكد ان التحرر القومي "يجعل الامة حاضرة على مسرح التاريخ. ففي قلب الوعي القومي ينهض الوعي العالمي ويحيا وليس هذا البزوغ المزدوج في اخر الامر الا بؤرة كل ثقافة".
غياب المدينة؟ وماذا عن غياب الريف؟
إن فانون البورتوريكي و"الجزائري" روحا واحد المناضلين الكبار في ثورة التحرر القومي الجزائري من الاستعمار الفرنسي، هو مثقف ومناضل وثائر، أورث في "معذبو الارض" مفاهيمه وفهمه وادراكه لجوهر نضال التحرر القومي ولجوهر الاستعمار ولجوهر الشعب المستعمَر.. انها تجربة متكاملة مع ان مشروعه الكتابي لم يكتمل اذا داهمه الموت وهو في الثلاثينات. ومع هذا فمن الظلم التعامل معه اليوم كمصدر للاقتباسات فحسب، بل انه يزودنا بقراءة عظيمة لروح المقاومة وكفاح التحرير ولروح الانطلاق العفوي ولروح الثقافة القومية والوعي القومي ولروح الشعب وبالذات اكثر الطبقات الشعبية صلابة وقوة في مقاومة الاستعمار حتى دحره، الا وهي طبقة الفلاحين في البلدان المستعمرة وليس البروليتاريا حسب فانون. ان هذه الطبقة (الفلاحين) هي الارضية الصلبة التي تلجا اليها المقاومة وتعيد انطلاقها معها حتى التحرير.
وهذا وبغض النظر عن التأييد او النقاش معه، فانه ينقلنا الى خطاب "الحداثة الفلسطيني" سواء في الوطن ام الشتات وبالذات فلسطيني الـ 48 والذي يؤكد ويشدد على "غياب المدينة" العربية الفلسطينية بمفهومها الثقافي والسياسي والحركة السياسية والمقاومة، لكن  قراءة فانون تجعلنا نتساءل بشكل اكثر الحاحا ان ما يعاني منه الشعب الفلسطيني وما ينقص مشروعه الحداثوي ليس فقط غياب "المدينة" او استعادتها بل ايضا غياب القرية والريف وتغيبهما في الخطاب الثقافي الفلسطيني والسياسي الفلسطيني ومن تجربة شعبنا الفلسطيني فلا احد يدافع عن الارض اكثر من اصحابها الفلاحين الصغار ولا احد يتالم لقطع المستعمرين لاشجار الزيتون اكثر من اصحاب الارض.  ولا أحد يعاني من مشروع تهويد النقب أو بناء المستعمرات أكثر من أصحاب الأراضي. كل ذلك مع تاكيد ان القرية الفلسطينة لم تعد قرية عادية  ولا الريف ريفا بل كلا الريف والمدينة تشوها. اما خطاب "الحداثة" فانه يحصر حدوده في فكرة "المدينة" ويتجاهل الريف والقرية.
مشروع المدينة ومشروع الريف الفلسطيني
تُكثِر النخب الثقافية الفلسطينية وبالذات أنصار خطاب "الحداثة" و"ما بعد الحداثة"، من الحديث عن "غياب المدينة" ويحمّلون على هذا ضعف الحركة الوطنية، وحسب هذا المنطق فإن عودة نشوء "المدينة"، حتى ولو الافتراضية تلازمها نهضة وطنية.
وبكلمات أخرى، في احتلالها لفلسطين عام 1948 وما سبقه وما تلاه قامت الحركة الصهيونية ومشروعها الاستعماري –اسرائيل باقتلاع وتهجير غالبية الشعب الفلسطيني وتدمير ونهب عمرانه المادي والثقافي والروحاني. كما ركزت على محورين متكاملين وهما تدمير واقتلاع ونهب المدينة الفلسطينية وتدمير ونهب الريف القروي الفلسطيني. وما تبقى بعد 1948 هو نكبة متواصلة وضمن ذلك عشرات قليلة من القرى المشتته وبقايا أحياء فقر في المدن الساحلية، ولا يمكن اعتبار القرى والتجمعات المتبقيّة ريفا بمفهوم التكامل والتواصل، ولا بقايا المدن المنهوبة بعد التطهير العرقي مدناً.
يأتينا فانون بتجربة تؤكد قوة العمق الريفي لحركة مقاومة الاستعمار. ومن نماذج قوة الريف والمجتمع القروي الفلسطيني في الانتفاضة الاولى (1987)، وعمليا في كل المعارك دفاعاً عن الأرض والوجود وتوفير مقومات الصمود والمواجهة والمقاومة الشعبية. وكذلك يوم الأرض 1976، ناهيك عن التجربة الأوسع في سنوات الثلاثين والأربعين من القرن العشرين في مواجهة الإستعمار الصهيوني.
لكن إسرائيل أيضا تجاوزت هذا الأمر، ولم تكتف بإحتلال الريف الفلسطيني بل واصلت بشكل منهجي التعامل معه كغنائم "حرب" ونهب ما تبقى منه من خلال مصادرة اراضية وخنقه، في حين واصلت إقامة الريف الصهيوني من "الموشاب" و"الكيبوتس" وأنواع أخرى من المستعمرات، وحولت الفلاح الفلسطيني ومجمل طبقة الفلاحين الى عاملين في هذه المستعمرات في مجال الزراعة وعلى هامش الاقتصاد الاسرائيلي وعلى هامش المزارع الإسرائيلي. عمليا فإن الإستعمار الصهيوني تعلّم الدّرس من كل أشكال الإستعمار الذي سبقه وسعى لخلق "مصلحة" تبعية لمن تبقى من الفلاحين الفلسطينيين الذين تحوّلوا قسراً الى مواطني اسرائيل ولسيطرة استعمارية كاملة، وفرضت الدولة عليهم نظام رقابة وحكم عسكري وإرهاب قانوني قضائي وثقافي وديني وتشويه هوية. فالاستعمار حسب قراءة فانون وحسب تجربة التاريخ، يتعلم من الاستعمار الذي سبقه ويتغذَى منه. كما تحفزّنا قراءة فانون للمقاومة والتحرر ودور الريف، الى أنه في مجتمعات "العالم الثالث" والشعوب التي تخوض معركة التحرر الوطني من الاستعمار فهي بحاجة الى "المدينة" والى "الريف" ونهضة المدنية ونهضة الريف معاً لتتحول الى نهضة وهبّة كل الشعب.
البعد الافريقي والبعد العربي
خلال تعرّضه للتجربة الجزائرية والتجارب الافريقية الاخرى ينبّه فانون الى أن كل أمة مستقلة في أفريقيا ستظل مطوّقة تتربّص بها الأخطار في كل لحظة، الى أن تتحرّر أفريقيا كلها من "الإستعمار". وهذا يعيدنا الى البعد العربي التحريري المغيّب لقضية فلسطين ولكل قضية عربية وطنية. وفي حين بدأت قضية فلسطين كقضية العرب في مواجهة الاستعمار العالمي حاضنة الصهيونية الاستعمارية، فقد حوّلتها حالة التشتيت الاستعماري للعرب والتشتت الذاتي للعرب الى قضية كما لو كان الانفصال عن البعد العربي أمراً طبيعيا أو مفروغا منه. وكما لو كان تحرير فلسطين لا علاقة له بتحرر العالم العربي والأمة العربية.
يربط فانون بين الثقافة الوطنية في كل بلد أفريقي وبين الثقافة الزنجية الأفريقية التي تشكل الحاضنة للثقافات الوطنية المنبثقة عنها،  وهذه الثقافة الجامعة هي في صلب مشروع التحرير الواسع وجزء منه، وهكذا هي الثقافة العربية المتداخلة والمتقاطعة مع الثقافة الافريقية في شمال أفريقيا والمغرب العربي وشرق أفريقيا الشمالي، حيث تجمع هذه المناطق البعدين الثقافيين الافريقي والعربي. وهي أيضا أبعاد تخلّى عنها المشروع الفلسطيني بطبيعته الحالية.
لقد استهدف الاستعمار ولا يزال يستهدف أفريقيا والعالم العربي. وإذ أدركت قيادات ثورات التحرر الوطني والقومي في أواسط القرن الماضي، جوهر الصراع مع الاستعمار وقرروا مقاومته، واقامة المنظومات الدولية مثل دول عدم الانحياز التي ضمت بلدان "العالم الثالث" وأدركوا البعد الواسع الاقليمي والعالمي للتحرر وتحرير الأمم كضمانة لحماية التحرر الوطني للشعوب، فإنّ الاستعمار لا يزول الا بالمقاومة لكن لا ننسى للحظة ان "العدو يحاول أن يخرب الأمة" ولا ينبغي أن نقع بالأوهام وكما أشار فانون "إن الأشكال الوحشية التي يكتسبها وجود المحتل قد تزول زوالا تاماً، والواقع ان زوالها هذا لا يعدو أن يكون إجراءً من أجل الحيلولة دون بعثرة قواته". وهذا ليس بعيداً عن الواقع الفلسطيني وواقع الاستعمار والاحتلال الاسرائيلي. ففي الواقع الاسرائيلي هناك مفردات مثل "اعادة الانتشار"، و"الانسحاب أحادي الجانب" و"اتفاقيات أوسلو" وغيرها. لكن ليس هذا ما يحسم المعركة لان الايام تتلو الايام.
"ولا ينبغي للمستعمَر المنخرط في الكفاح، ولا للشعب الذي يجب ان يستمر في مساندة الثورة، ان يتوقفا. يجب ان لا يتوهما ان الغاية قد تحققت وان الهدف قد تم الوصول اليه. يجب ان نشرح لهم الاهداف الحقيقية الذي يسعى الكفاح لتحقيقها. ويجب ان لا يتخيلوا ان بلوغ هذه الاهداف امر مستحيل" والحرب (التحرير الوطني) "ليست معركة واحدة كبيرة، وانما هي سلسلة من معارك محلية. ليس واحدة منها فاصلة في حقيقة الامر".
 ويبقى دوي تلك المقولة الهائلة مُلهماً للشعوب المستعمَرة وبشكل خاص للشعب الفلسطيني وهي قول فانون: "إن التحرر بالكفاح لا يزيل الاستعمار فحسب، بل يزيل المستعمَر" (بفتح الميم). لن يتوقف الشعب الفلسطيني عن النضال الى ان يزيل الاستعمار والى ان "يزيل المستعمَر" وينعتق ذاتيا كشعب حر في وطن محرر وسعيد.

كلمة شخصية:  حين نتحدث عن مناضل اممي فان فرانز فانون قد جسد هذه التسمية بكامل تعريفها، وهو يعتبر من أبرز المنظرين لثورات التحرر الوطني مع انه لم يقدم نفسه كمنظر للثورات لكنه نقل في "معذبو الارض" تجربة عظيمة.
ولد فرانز فانون في جزر المارتينيك وحارب مع الفرنسيين ضد النازيين في جزر الدومينيك، والتحق لاحقا بالثورة الجزائرية كطبيب نفسي، لكن دوره كان كمناضل وثوري ووصل الى قمة الثورة ضد الاستعمار الفرنسي.. جلّ رصيده الثقافي هو الموروث الذي يكشف جوهر الاستعمار وجوهر ثورة التحرر الوطني الجزائرية من وجهة نظرة كمناضل فيها وكمثقف نقلها الى شعوب العالم.
لم يكتمل مشروعه فقد داهمة المرض وتوفي في 6.12.1961 وهو في السادسة والثلاثين من عمره.
وتحية تقدير الى الصديقة ميريل فانون ماندس فرانس ابنه المناضل وسالكة دربه في دعم كفاح الشعوب من اجل العدالة والكرامة الانسانية والشعب الفلسطيني في كفاحه للتحرر الوطني. وترأس مؤسسة فرانز فانون في باريس.
___________________________________________________________________________________
امبر مخول : اسير فلسطيني وناشط سياسي وكاتب ومحلل سياسي 


http://www.change.org/petitions/release-palestinian-human-rights-defender-ayman-nasser-from-israeli-detention

Release Palestinian Human Rights Defender Ayman Nasser from Israeli DetentionWe call on the United Nations, European Parliament and all international stakeholders to uphold international human rights law and intervene for the immediate release of human rights defender and Addameer researcher, Ayman Nasser from detention by the Occupation.
go her to tack act: http://www.change.org/petitions/release-palestinian-human-rights-defender-ayman-nasser-from-israeli-detention