السبت، 20 أكتوبر 2012


قصة قصيرة.. بيت جبرين
كان الخريف . في العام 1948 . وصلنا الى المدرسة ، اصطففنا ، قرأنا سورة الفاتحة ، وانشدنا " بلاد العرب اوطاني من الشام لبغدان، ومن نجد الى يمن الى مصر فتطوان " . لم ندخل غرفة الصف كعادتنا ، قالت المعلمة اليوم ذكرى معركة اجنادين التي حدثت على اراض القرية ، واليوم سوف نمثل معا معركة اجنادين ، قسم يمثل جيش الروم ويبقى في المدرسة ، والقسم الثاني يخرج الى اماكن مختلفة في البلد . ويعود مسلحا بالاجابة عن سؤال لماذا سمي هذا المكان بهذا الاسم ،واضافت المعلمة من يعود مع اجابة صحيحة يدخل المدرسة منتصرا ،ويخرج واحد بدلا عنه من المدرسة من الخصوم ، وهكذا....... ، اضافت هيا انطلقوا ......

احمد ذهب الى الجامع العمري .. ، فاطمة توجهت الى تل صندحنا ، هنده توجهت الى مقام الشيخ تميم الداري ، ابراهيم الى منطقة الانتيكا ، عبد العزيز الى بيرالعجمي ، يوسف الى برج الحمام .

ركضت مسرعة الى الى المقام ، فوجدت جدي ، سألته عن اسم المكان ، اجابني ، ثم سألني عن دورنا ، فقلت نحن جندرما المسلمين ، قال لا الجندرما اتراك ، فقلت اذا نحن فرق الخيالة ، قال هؤولاء انجليز ، ركضت مسرعة وهو يقول ، انتم كتائب فلسطين او قال كتائب المسلمين ، لاتسعفني الذاكرة الان .
وصلت مسرعة الى المدرسة سألني من في الداخل ما سبب تسمية المقام ، اجبت . ودخلت المدرسة منتصرة ، جاء ابراهيم ودخل منتصرا ، وكلما عرفنا انتصرنا ، وتراجع فريق الروم وصل يوسف وانتصر ، كنا فرحين وكدنا ننتصر في معركتنا ، لولا تأخر عبد العزيز الذي ذهب الى بير العجمي ، ولم يعد.

كنا ننتظر ، نظرت الى المعلمة ،كانت تنظر الى السماء ،اختفت ابتسامتها ، وبدأت تصرخ علينا بأن ندخل الى غرفة الصف ، حينها سمعت صوتا لم اسمع مثله من قبل سقطت على الارض وفقدت الوعي . فتحت عيني وابي يمسك يدي ، كانت المعلمة جثة هامدة ، ملطخة بالدماء ، والمدرسة اصبحت رماد ، كان اشبه بيوم القيامة ، الجميع يصرخ ويركض ، وانا اقول انتصرنا على الروم في المعركة لكنهم فجرو شيئا كبيرا ، وابي يسحبني من يدي ويقول هذه طائرة للصهاينه تقصف البلد ، امي تحمل بعض الارغفة واخي الصغير وتركض ، عمتي اطلقت سيقانها للريح وتركض ، عمي خالى والجيران الجميع يركض بعيدا عن البلد .

عبد العزيز لم يعد حتى اليوم من بير العجمي ، فاطمة وصلت الاردن ثم العراق ،وانقطعت اخبارها ، ابراهيم يقبع الان في مخيم الفوار في الخليل ، يوسف يعيش في مخيم سوف في جرش ، وأنا غادرت مخيم بيت جبرين الى قبر ما في ارض فلسطين ، واحمد الذي اصبح ابو العبد وهوالان في نهاية العقد السابع وفي خريف عمره ، يؤذن في الجامع العمري في مخيم الوحدات في الاردن، وبين الاذآن والاذآن يستذكر المدرسة ومعركتنا ... وينشد " بلاد العرب اوطاني من الشام لبغدان " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق